الأربعاء، 5 سبتمبر 2007

On The Waterfront - 1954


اخراج : Elia Kazan
بطولة : Marlon Brando - Karl Malden - Lee J. Cobb

مارلون براندو هو من حمل وقدم وابدع بهذا الفيلم لوحده .. لندع الممثلين الثانويين رغم فوز إيفا وترشح ستيجير ، كوب ، مالدين لكن براندو قدم لنا فيلما واقعيا واداء مذهل من البدايه والى النهايه .. يستحق علامه كامل على هذا الاداء المميز ... احد المشاهد التى اعجبتني للاسطوره براندو هنـــــا عندما يقول لأخيه يجب ان كون شيئا في تلك المباراة لولا مراهنتك وقولك لي يجب ان لاتفوز هذه الليله .. مقطع ولا اروع ..يتكلم الفيلم عن ملاكم سابق - تييري - يحاول ان يقف بوجهة زعيم عصابة الميناء الذي يسيطر على العمال وكل السفن التى تأتي وتذهب ويتحكم بمن يعمل وبمن لا يعمل يبدأ هذا الملاكم معهم كعضو بجانب اخيه الذي يعمل ايضا تحت امرة الزعيم جون فرندلي لكن مع صحوه ضمير هذا الملاكم ووقوعه بحب اخت احد الضحايا الذين قتلهم فراندلي تتغير الامور ويتغير حال تييري الذي يصبح مدافعا ومنتقما من زمرة الفساد على رأسها فراندلي .

الأربعاء، 16 مايو 2007

جيم جارموش رائد السينما المستقلة الامريكية


فلامي تختزل حياة الشخصية إلى لحظاتها الدرامية القصوى..المخرج السينمائيّ جيم جارموش يعد من الرواد الكبار في السينما المستقلة الامريكية مشهور بسلوكه المساراتِ الصعبة. منذ فيلمه "أغرب من الجنة" الذي أخرجه عام 1984، وصوّره بالأبيض والأسود ولعب دور البطولة فيه جون لوري، الموسيقيّ ذو الشهرة الواسعة والمنزلة الرفيعة في الأوساط الفنية.

منذ ذلك الفيلم أخذ جارموش يتّبِع بإخراج أفلام لا تلائم أحداً سواه. ّ فهو أكثر المخرجين الأميركيين استقلالية وعناداً. ولد جارموش فى 22 - 1 - 1953 بولاية أوهايو الأمريكية ، وانتقل وهو فى السابعة عشرة إلى نيويورك حيث درس اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة كولومبيا ، ثم درس السينما في جامعة نيويورك. و تابع دراسته بعد ذلك في المعهد السينمائي بباريس. وفى عام 1980 عمل مساعد مخرج فى فيلم "برق على ماء" للمخرجين نيكولاس راي و فيم فيندرز، ثم أخرج فيلمه الأول "أجازة لا تنتهي" عام 1982. والذي رصد لصنعه 15000 دولار فقط لاغير. وبعد جهود ونشاطات متواصلة التقى جيم بمنتج ألماني باسم /أوتو غروكينبرغر/ الذي فسح له المجال ليعمل بمنتهى الحرية ووفر له التحكم الفني الكامل على أعماله السينمائية. كانت النتيجة فيلمه المثير (أغرب من الجنة) الذي صاغه نقلاً عن أغنية سكريمر جي هوكينز (أضع التعويذة عليك) وقد فاز بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان السينمائي 1984.. ومنذ فوزالفيلم في كان، استطاع جارموش أنْ يحتلّ مكانة في عالم ضمن ضوابط الإبداع والتسويق لا يحلم بها إلاّ القليلون من المخرجين المستقلين.

شارك في عدد من الأفلام سواء بالتصويرأو كتابة الموسيقى أو الإنتاج أو المونتاج أو التمثيل ، لكن عمله الرئيسى تركز في الإخراج وكتابة السيناريو حيث أخرج 15 فيلما كتب السيناريو ل 13 فيلما منها. حصل على 15 جائزة هامة منها الجائزة الكبرى فى مهرجان كان عن فيلم "أزهار محطمة" ، والسعفة الذهبية عام 1986 عن فيلم "سقوط بحكم القانون".

وافلام جارموش تحمل اهتماما واضحا بالثقافات الاصلية القديمة مثل الهندية واليابانية والصينية .: واذا كان جارموش نموذجاً للفنان الهامشي، فإن القدر كان قاسياً على شخصياته ايضاً، الى ان نالت نصيبها من الاستبعاد والاقصاء عن خيرات الدنيا ونعمها. من "رجل ميت" (1994) الى "غوست دوغ" (1999) مروراً بـ"قطار غامض" (1989)، شقّت مسألة البحث عن الهوية طريقها في سينما هذا الخلاّق المنهمك بتفكيك خفايا الطبيعة الانسانية. فشل التواصل هو ما تتفق عليه شخوصه، برغم اختلافها الظاهري وتنوع حوافزها، حتى بعضها يخاطب بعضها الآخر، كل بلغته، ومع ذلك يصل الطرفان الى تفاهم مشترك تقع أحداث فيلم «الرجل الميت» في الغرب الأميركي في العام 1875، وهو من أفلام رعاة البقر، ولكنه من الأفلام الغريبة من هذا النوع السينمائي. تدور قصة الفيلم حول شاب يدعى وليام بليك يعمل محاسباً في مدينة كليفلاند ويتلقى عرضاً للعمل في مصنع للأدوات المعدنية ببلدة نائية في الغرب الأميركي. وبعد القيام برحلة طويلة ومضنية بالقطار يصل إلى تلك البلدة ليكتشف أن الوظيفة الموعودة له قد أعطيت لغيره. ويتعرف هذا الشاب على شابة جميلة ويقضي الليلة معها دون أن يعلم أنها مخطوبة لابن صاحب المصنع الذي يفاجئهما ويطلق النار عليهما ويقتل الفتاة ويصيب الشاب بطلقة في صدره، ويقوم الشاب بدوره بقتل ابن صاحب المصنع. وبعد ذلك يقوم الشاب بسرقة حصان تابع لصاحب المصنع ويلوذ بالفرار. ويستأجر صاحب المصنع ثلاثة من عتاة المجرمين لمطاردة الشاب الفار وقتله أو إعادته حياً واسترجاع الحصان. وعندما يصحو الشاب من النوم يجد هندياً أحمر يحاول إخراج الرصاصة من صدره. ونعلم أن الهندي الأحمر سبق أن درس في إنجلترا وأنه معجب بالشاعر الإنجليزي وليام بليك، ويعتقد أن الشاب الذي يحمل اسم وليام بليك هو الشاعر نفسه. ويبدأ الاثنان معاً رحلة طويلة تتخللها مجموعة من الشخصيات الغريبة التي تطاردهما والتي يحاولان مراوغتها، ويمر الاثنان بسلسلة من الأحداث التي تجمع بين العنف ومشاعر القسوة والعطف والحنان والإيمان في رحلتهم الجسدية والروحية نحو المجهول. يحاول فيها المخرج أن يسبر أغوار العلاقات الاجتماعية في الغرب الأمريكي النائي، البعيد عن مظاهر التقدم والحضارة الأمريكية.

لعل هذا الفيلم، يمثل المختلف والجديد في السينما الأمريكية، حاملا في مكنونه مأساة الهنود الحمر، من خلال تسليط الضوء على شخصية الهندي الأحمر الضخم، الذي يسرد لبليك طفولته البائسة، المليئة بصخب العنصرية والتفريق العنصري بين الهندي الأحمر والأمريكي الأوروبي.

الموسيقى التصويرية ، أضافت للفيلم عنصر الجذب، والجمال، وما زاد من معجبيه، هو تمكن الممثلين وعلى رأسهم الممثل جوني ديب وجاري فارمر في دور الهندي الأحمر.

فيلمه "قطار غامض" سَبَرَ من خلاله أسطورة مدينة ممفيس وعالم الروك أند رول فيها.. . اما فيلمه "غوست دوغ " فيدور حول امريكي اسود يعمل قاتلا مأجورا لدى رجل مافيا على طريقة واخلاق الساموراي اليابانية ويمزج بين الاسلحة المتطورة وبين تربية الحمام الزاجل واستخدامه في المراسلة مع مستأجريه .. ويصف ويتس افلام جارموش بأنها "تشبه نصوص الهايكو". مثلما يلتمع في الذهن كثيرين من المصورين الفوتوغرافيين الأميركيين العريقين أمثال روبرت فرانك، وويليام إيغلستون، يلتمع كذلك جارموش بوصفه ينظر إلى أميركا بعيني اللامنتمي، جاعلاً بذلك المألوف غريباً، والإعتياديّ مبهماً. وعلاوة على ذلك، يذهب في أفلامه إلى تصوير الذين يتنقلون ويسافرون بلا أيّ هدف ومن أجل دوافع خاطئة، نحو مصائر غير مرسومة سلفاً كما في سينما النمط السائد في هوليوود. "أنني مهتم باللحظات غير الدرامية من الحياة"، يقول جارموش، "ولا يجذبني أنْ أعمل أفلاماً حول الدراما؛ فهي تختزل حياة الشخصية إلى لحظاتها الدرامية القصوى التي يمكن الإمساك بها من سيرة تلك الحياة برمتها، وإذا كان من المفروض أنْ يعطيَنا ذلك صورة لشخص ما فإنني لا أستطيع أنْ أرسم تلك الصورة. كلّ هذا يبدو خطأً بالنسبة لي".

أنّ جارموش استطاع أنْ يظلّ على الدوام رافضاً العُروضَ المالية السخية من قِبَل الإستوديوهات الكبيرة في سبيل الضوابط والمعايير الإبداعية. وهو يحتلّ الآن مكانة متفردة في السينما الأميركية المستقلة بعدما أنجز افلامه بطريقته الخاصة كلياً. العناد الذي يتسم به جارموش قدم العام الماضي عاشر أفلامه "زهور محطمة"، الذي لا يبتعد منذ الوهلة الأولى عن طبيعة افلامه التي لا تخلو من غرابة في شخصياته واجوائه الهادئة. حيث تجد نفسك فيه خلال تذوقك الحوادث الشائقة التي يقدمها جارموش لنا لقطةً لقطة: الانتظار الطويل قبل بلوغ الذروة. فالافتتاح لا يستمد اهميته ودلالاته الا بما نراه في نصف الفيلم، وهذا النصف ايضاً لا يسوّغ وجوده الا التتمة المنتظرة. هذه هي البنية الدرامية التي يعتمدها جارموش: يهندس فيلمه كما لو كان يشيّد كاتدرائية، قطعةً قطعة، الى ان تلتقي اجزاء التحفة في صورتها النهائية المبهرة.. فيلم جارموش يرسم بورتريه لاميركا في دهاليزها ومتاهاتها وعوالمها المختلفة. ازهار العنوان المتكسرة ليست الا اشارة الى الشتات العائلي والاجتماعي، ورمزاً لاستحالة تجميع هذه الازهار في باقة واحدة جرياً على عادة تكرّست في سينماه، يتمحور " زهور محطمة " على شخصية يتيمة هي بمنزلة الدينامو الذي يشعل محرك العمل. لا حوادث عند غيابه! ً يبدأ كل شيء في مدينة اميركية نائية ومجهولة. ذات صباح عابر بيل موراي الذي يؤدي دور العازب «دون جونسن» شبه المتقاعد الذي أربى على الخمسين، ويعيش هادئاً متأملاً ولم تعد لديه أي رغبة سوى فى الصمت والعيش في حالة سكون صوفى داخل بيته،ولا يكاد يطلب الآن من الدنيا شيئاً بعدما جمع ثروة من عمله في أجهزة الكومبيوتر،. وكشخصيات جارموش السينمائية الاخرى، ليس "دون" من أصحاب الفعل. بل هو ينجرف مع التيار. يعيش الحاضر من دون ايمان بقدرته على تغييره. ليس من موقع يأس¬فشخصياته لا تملك خطاباً¬ انما انطلاقاً من قدر الانسان الذي اعتاد عيش الحاضر وأقصى امانيه الامساك باللحظة. هكذا يسلم بهجر صديقته له من دون ان نعرف السبب سوى انها تنعته بالدونجوان المسن. بعد رحيلها، يقضى نهاراته ولياليه على كنبة اما نائماً او جالساً بدون حراك. هل هي علامات افتقاده لها؟ ولكنه يؤكد لجاره "وينستن" انه لا يعرف اذا كان حزيناً على رحيلها. هل هي اذاً علامات الضجر؟ او الانغماس الشخصي؟ او نوع من الرضى؟ حتى ما يبدو انه سيكون نقطة تحول في حياته. فبينما هو يعيش وحدته اذا برسالة تصله من امرأة لم توقعها، زهرية اللون، مكتوبة على آلة كاتبة. تخبره فيها ان له منها ولداً في نحو العشرين الآن، انطلق ليبحث عن أبيه... أي عنه.. في البداية لايهتم للأمر ، فهو الـ"دون جوان" المتعب الذي يخيّل الينا انه ابكى الكثيرات، يستصعب العودة الى الخلف والمشي على خطى ماضيه "غير المشرّف". ولكن جاره المهووس بحل الالغازفي إشارة واضحة الى تلفزيون الواقع وأفلام الالغاز، ينظم له رحلة لزيارة خمس من عشيقاته في محاولة لاكتشاف من هي صاحبة الرسالة. ويحثه على زيارة كل واحدة منهن وهو يحمل باقة زهور وردية ، ليستشف من استجاباتهن الحقيقة ويعرف من هي أم ابنه. يصطحب دون معه في رحلته قرصاً مدمجاً يحتوي على الأغاني والموسيقا كان قد أخذه من وينستون بهدف الاستماع إليها خلال رحلة البحث عن النسوة الأربع. ويقوده ذلك الى رحلة حول البلاد ليلتقي بنساء ارتبط بهن في يوم ما، ورحلة اخرى في اسرار الماضي المنسي هكذا يتحول الفيلم فيلم طريق ويتخذ كل جزء صفاته الخاصة. كل زيارة الى بيت واحدة من عشيقاته هي بمثابة فيلم قصير. وكل زيارة تؤثر فيهن من دون ان تؤثر فيه. انه هناك فقط من اجل البحث عن ورق رسائل زهري كالذي كتبت عليه الرسالة وآلة كاتبة او اي شيء يدل على ان صاحبة المنزل هي المرسلة. ولكن دوافع "دون" الى القيام بالرحلة تبقى غامضة. فهو حتماً ليس مؤمناً بانه سيجد حلاً للغز لأنه في الأصل غير مؤمن بوجود لغز بعكس جاره. لعله اراد ان يغير موقعه على الكنبة. حى انه لا يبدو محتفظاً بأية مشاعر لنسائه القدامى. ولكنه كما قلنا يمشي مع التيار. وهكذا يتحول الفيلم من بحث فتى عن ابيه، الى بحث الأب عن الأم. او لنقل بالأحرى، بحثه عن ماضيه، من خلال نساء هذا الماضي. ونحن نزور معه كلاً من أولئك النساء ونلاحظ ان لكل منهن اسماً له دلالة: يتنقل "دون " بين نساء ماضيه اللاتي يقابلنه غالبا بابتسامة وترحاب لا يتفقان مع لامبالاته وسكونه الواضح.. يتقدم "بيل موراى" وفى يده باقة زهور وردية فخمة يقدمها للسيدة التى لم يقابلها منذ عشرين عاما وعلى وجهه ابتسامة مترددة ،قلقة. هل يمكن أن يسألها الآن اذا كانت هى أم ابنه ، هل يحدثها عن حمل أثقل به كاهلها منذ عشرين عاما ثم رحل. ينتهى المشهد وينتهى لقاؤه مع السيدة ليعود من جديد ويعيد الكرَّة مع سيدة أخرى. يستمر فى رحلته ، وعند كل واحدة منهن يجد شيئا وردى اللون. عند كل واحدة منهن يجد دليل إثبات ودليل نفي. وعند كل واحدة يتجدد شكه حول هذا الابن الذى ظهر فجأة والذى قد لا يكون له أى وجود حقيقى. فمن امرأة كانت حبيبته لامرأة أخرى يستمر "دون" فى رحلته مكتشفا كم أصبح غريبا عما كانه يوما ، وكم أصبحت كل منهن غريبة عنه وعنها. من امرأة لأخرى تستمر رحلة بحثه عن ابن قد لا يكون له وجود، وعن ذاته التى ما عاد يحفل بها كثيراً.

هكذا ، يبدأ الفيلم وينتهى من غير أن يصل البطل والمشاهد إلى يقين،. كل شيء واضح أمام عيني البطل " دون جونسون" لكنه رغم ذلك لا يرى. لأن عدم الرؤية لا يقبع فى الخارج لكنه يأتى من الداخل، يأتى من رفضه أو من عدم رغبته فى الرؤية. وقد نجح المخرج جيم جارموش حين اختار تنفيذ فيلمه فى كادرات مضيئة بلا ظلال ولا ظلام ، كادرات تبدو كأنها تظهر كل شىء بينما تبقى الحقيقة كما هى فى الحياة الواقعية خفية تحركنا كالموتى فنتناقض بقوة مع سطوع الشمس وجلاء الألوان من حولنا. يجاري "لورا" (شارون ستون)، لها ابنة تدعى لوليتا (ما يحيلنا مباشرة الى رواية فلاديمير نابوكوف وفيلم ستانلي كوبريك المأخوذ عنها) فيقضي الليلة معها وفقاً لرغبتها ليودعها في الصباح ويغادر الى "دورا" (فرانسيس كونروي) (وهي هستيرية التصرف تماماً على شاكلة دورا التي يتحدث عنها فرويد في كتاب له عن الهستيريا) التي انقلبت من هيبية الى مقاولة وزوجة لرجل لا يُحتمل. هناك يجلس إلى مائدة الزوجين من دون ان ينبس بكلمة. اما "كارمن" (جيسيكا لانغ) (على اسم بطلة الأوبرا الشهيرة). وهي محللة إحصائية ذات نمط خاص تبدو مكتفية بحياتها الجديدة وتعكف على دراسة الحيونات الأليفة، وتخفي وراء غرابة أطوارها استقرارا داخليا راسخا في شخصيتها. وأخيراً "بيني" (تيلدا سوينتن) الغاضية الهيبية العنيفة والتي لم تغفر لدون بعد.هجرانها. الخامسة هي "بيبي" التي يزور قبرها. في هذه اللقاءات، يختلط الفرح بالحزن بالكبت بالغضب. وتتجلى قدرات جارموش على قول الكثير من دون ولا كلمة. وضعية اللقاء بين "دون" وإحدى عشيقاته تخبر عن علاقتهما في الماضي. لا عتاب، لا كلام، لا ذكريات... فقط وضعيات وزوايا كاميرا تنبىء بطبيعة التواصل وماضي العلاقة. سؤال أساس قد يطرحه انسان ما على نفسه، ذات لحظة خمسينية من عمره: أين ذهب ماضيّ وأحلامه؟

سيكون مشواره حافلاً بالمشقات والمتاعب، لكن عند عودته سنلتقي رجلاً رجع مهزوماً ومنكّس الرأس: من النساء الخمس اللواتي زارهنّ، المرأة الراحلة وحدها ستملأ قلبه حناناً ودفئاً. مرة جديدة، يصوّر جارموش شخصاً نصف ميت ينتمي الى دنيا الحق أكثر منه الى عالم الاحياء. ونكتشف ذلك في أكثر من مناسبة: من عدم رغبته في الاخذ والرد مع الآخرين، وخصوصاً النساء، واذا ببائعة أزهار تضمد جروحه بعد حادثة تعرّض لها، فلا يجد امراً يحدثها عنه، الا سؤالها عن عنوان مقبرة ينوي زيارتها
في نهاية الفيلم يسأل الابن المفترض دون، عما اذا كان له موقف فلسفي فيكون جوابه "الماضي انتهى، والمستقبل لم يصل بعد. إذاً ليس هناك سوى الحاضر". لقد تحطمت زهور دون جونستون على مذبح رحلة البحث عن ماضيهن. فهل انتهى الماضي هنا... ام اننا، نحن ابناء هذا الماضي، لا نزال نعيشه ونعاني من وطأته؟

ويتمثل جزء كبير من عبقرية المخرج جيم جارموش فى هذا الفيلم فى التركيز بعمله على الممثل حيث يكاد يخلو فيلم "زهور محطمة" من أى تكنيكات مبهرة، بينما تتحقق متعة المشاهدة من هذا التضاد بين أداء بيل موراى الساكن وأداء الممثلات اللاتى لعبت أدوار صديقات الماضى مما يذكرنا طوال الوقت بأنهن متورطات فى الحياة بينما هو ميت فى عزلته وصمته .و ل"بيل موراى" وقع خاص فى النفس. فوجهه العادى يستمد جاذبيته من كونه وجهاً مألوفاً ومن لمحة السخرية التى تراها فى عينيه. وجه يمنح صاحبه خفة تشي بأن هذا الشخص لا يأخذ نفسه على محمل الجد ، شخص ساخر يستخدم سخريته وسيلةً للتحرر من ثقل الحياة.. وعن خياراته للمثلين يقول جارموش. "أخشى أنْ يظن الناس أنني انتهجتُ نهج النمط السائد بسبب عدد من طاقم الفيلم، غير أنه سبق لي أنْ عملتُ مع ممثلين مشهورين مثل جوني دِبْ، ووينونا رايدر، وكيت بلانش. إذن، لاينبغي أنْ نحسب الأمور بهذا الشكل؛ فأنا لم أشرك شارون ستون لأنها نجمة كبيرة في عالم السينما، بل لأنني رسمتُ ملامح الدور الذي ستقوم به في ذهني، فرأيت أنها ستكون أرملة عظيمة وأمّا لابنتها المراهقة التي تحمل ملامح شخصيتها. هذه هي طريقة في العمل. ورسمتُ كذلك دور البطولة لبيل موراي في في ذهني، فبرز الفيلم بأكمله من خلال الشخصية التي صنعتها معه في الذهن"، يقول جارموش في سياق التكهنات التي تقول بإمكانية انسحابه إلى سينما النمط السائد..

فى هذا الفيلم لدينا فقط صورة واضحة وإضاءة ساطعة بلا أى ظلال أو مناطق معتمة. ليس هناك إضاءة شبحية أو ضباب يواري الوجوه. باختصار، لا وجود لتلك التقنيات التى تستخدم للتدليل على الحالة النفسية للشخصية المنعزلة ، فالمخرج جيم جارموش يعبر عن عزلة بطله - فقط - من خلال أداء "موراى" الرائع. وهو اختيار ذكى من جيم جارموش يدلل على مخرج يملك قدر كبير من الوعى مخرج يدرك التناقض بين ثنائية الحياة التى تبدو من الخارج واضحة وضوح الشمس بينما تكمن داخلها وداخلنا تلك الزوايا المعتمة التى يستحيل علينا أن نراها..

بقلم الكاتب \ محمد عبيدو

الثلاثاء، 8 مايو 2007

ستانلي كوبريك ..


" ستانلي كوبريك : سيرة حياته وأعماله
تــــــــرك كوبريــــــك فِيَّ أثــــــــرا خرافيـــــــا في ضخـــــامتــــــــه من بين أقــــرانـــــــــه في جيـــــــل الشبـــــــاب"
اورسون ويلز

سينما المخرج "ستانلي كوبريك" الذي رحل في اذار 1999 لا يمكنها ان تقوم إلا على أساس سوء التفاهم شأن كل فن كبير وحقيقي، فقد اتسم هذا المبدع بانتقائية مدهشة، و خاض خلال ما يقرب من نصف قرن - هو عمر تجربته السينمائية- وعبر ثلاثة عشر فيلما، العديد من الأنواع التي عرفت بها السينما الهوليوودية، من سينما الحرب، إلى أفلام العصابات إلى سينما الاستعراض التاريخي، فحكايات الغرام والخيال العلمي، إلى سينما الرعب.. واكتشف وأسس الكثير من عناصر السينما التي بدأ العديد من المخرجين بأخذها كمحطة أولى لبدء أفلامهم منها، فمثلاً في أحد أوائل أفلامه (القتل) عام 1956 ابتكر طريقة التقطيع والربط السريع في أحداث الجرائم، وفي عام 1969 (2001: ملحمة فضائية) صور حياة الفضاء بمؤثرات صارت قدوة لكل صانعي أفلام الخيال العلمي، وفي معظم أفلامه هناك حالة نفسية غريبة في أحد أشخاصه، كما ان سينماه، باستثناء فيلميه(خوف ورغبة)و(قبلة القاتل)، اتكأت على أعمال أدبية بارزة مثل«لوليتا» لفلاديمير نابوكوف، و«سبارتاكوس» لهوارد فاست، و«أوديسا الفضاء» لآرثر سي كلارك، و«البرتقالة الآلية» لأنطوني بارغس وغيرها، ،والأمر الآخر في مسيرة هذا المبدع هو انه، ومنذ رحيله عن الولايات المتحدة مطلع الستينيات واختياره العيش في بريطانيا، عرف باعتزاله العالم بشكل يكاد يكون نسكيا، فهو نادرا ما قابل أحدا، ولم يسافر على الإطلاق، ولم يقبل التكريم.

ان هذا الكتاب، الذي قام بتأليفه " فنسنت لوبرتو " وترجمه الى العربية "علام خضر " وصدر في 695 صفحة ضمن سلسلة الفن السابع عن المؤسسة العامة للسينما بدمشق ، هو السيرة الاولى الشاملة عن حياة ستانلي كوبريك احد عمالقة الاخراج السينمائي في القرن العشرين وقد انصب هدف المؤلف على تفنيد هذا الغموض والاساطير المحاكة حول العبقرية السينمائية كوبريك من خلال سرد حياته بدءا من ولادته في مقاطعة (بروكنس) بنيويورك عبر عقود من انجازاته السينمائية الى المفهوم الحالي المبالغ به حول اعتباره مخرجا مبدعا معتكفا يعيش في حالة من النسيان، وبعد اربع سنوات من البحث المكثف والمقابلات التي اجراها المؤلف مع كل معارف ستانلي كوبريك وكل من شارك في اعماله"، وجد أن هذا الغموض والاساطير تخبو في مجرد انسان حقيقي ".

شهد ستانلي كوبريك كرحالة سينمائي ثلاث حروب وتمرد العبيد قديما بالاضافة الى مواجهة نووية لاعقلانية بين القوى العظمى، وقد عبر في رحلته العالم السفلي في المناطق الحضرية، واستكشف خفايا الرغبة الجامحة التي تستحوذ على بروفسور تجاه محظيته الصغيرة، وسافر عبر الكون وما وراء حدوده، كما زار المستقبل القريب حيث ساد العنف المفرط وسافر عبر الزمن الى القرن الثامن عشر ، وتناوب بين الماضي والحاضر في فندق تسكنه الاشباح في كولورادو ، قام كوبريك بكل هذه الرحلات السينمائية مع أنه قضى نصف حياته الشخصية والعملية تقريبا في ريف لندن بانكلترا .

لم يدرس كوبريك السينما وانما علاقته بها ابتدأت من حضوره المتواصل لدور السينما عندما كان طالبا في الثانوية " فستانلي كوبريك الشاب كانت لديه بالفعل جرأة التفكير على مقدرته صناعة افلام موازية ان لم تكن افضل من تلك التي تنتجها مصانع هوليوود ، فكوبريك الشاب كان يعتقد انه قادر على الافلام السينمائية ، وقد دفعه خيار من اللاوعي أن يشاهد كل ما يتعلق بالسينما ، كما علمه تفكيره المنطقي وفضوله المتنامي بأن لا يسترسل بعواطفه في انتقاء الافلام بناء على النجم السينمائي أو نوع الفيلم ، وبدأ بمشاهدة كل الافلام لان فيها شيئاً ما يجب أن يتعلمه " .

ابتدأ الشاب كوبريك مهنته كمصور صحفي عام 1946 ، وسرعان ما اصبح صانع افلام ولد من روح فوتوغرافية ، ان طبيعة التصوير الفوتوغرافي بحد ذاتها من ضوء وعمق وفراغ وتكوين وقياس الواقع الذي تدركه عين المصور تنبض في كل فيلم اخرجه كوبريك ، فهو يعتبر " عاشقا للسينما ونصب نفسه مؤرخا سينمائيا يتمتع بمعرفة واسعة وشغف كبير بماضي السينما وحاضرها ومستقبلها ، هذا وتظهر دراية كوبريك ومعرفته التقنية والجمالية للفن ومهنة التصوير الفوتوغرافي كوسيط في كل لقطة ومشهد من تاريخ أفلامه السينمائية "

بلغ كوبريك سن النضج عام 1950 وكان مستعدا لتوديع دور العبقري الصغير كصحفي مصور وقرر ان الوقت قد حان ليصنع أول افلامه السينمائية ، وكان لديه العزم والتصميم على ان يطور ثقافته ذاتيا ، لقد علم نفسه بنفسه ليصبح مخرجا سينمائيا وصانع أفلام .
فيلمه الاول تسجيلي " يوم النزال " مثير من الناحية البصرية ، وخال من الزلات الشائعة بين صانعي الافلام الناشئين، وقد منح لنفسه فيه الحرية المطلقة في التجريب بأسلوب مونتاجي مفعم بالحيوية والاشراق ، وتلاه فيلمه التسجيلي "القديس الطائر " ثم الروائي الطويل " الخوف والرغبة " الذي انجزه كله بنفسه، ثم فيلمه " قبلة القاتل " الاحترافي المتميز، وتلاه فيلم " القتل " الذي يعتبر من الافلام الكلاسيكية للجرأة السينمائية التي صبغت اسلوب سرد القصة واتباعها تركيبة غير مترابطة في الاحداث، من اجل اظهار تفاصيل الحالة الدرامية ، ولجأ في فيلمه " دروب المجد للتصوير بالكاميرا المحمولة ، فكان العمل بواسطة الكاميرا السينمائية امتداداً لخلفيته في التصوير الصحفي مما اضفى عنصر الواقع التسجيلي على افلامه القصصية .

وعام 1960 قدم فيلمه الملحمي " سبارتاكوس " ، والذي يوجز قصة تمرد العبيد في روما، في العام 73 ق. م، سبارتاكوس الذي لعب دوره (كيرك دوجلاس) يبدأ رحلته من منجم في ليبيا، حيت كان ضمن من اشتراهم صاحب المنجم (بيتر أوستينوف)، ويرصد الفيلم قصة حبه، وتمرده وعودته للأسر مرة أخرى، وقد حصد اربع جوائز اوسكارية ، وتلاه فيلمه الجريء الذي عانى مشاكل مع الرقابة " لوليتا " عن الرواية الشهيرة لنابوكوف وقد دخل فيه عالم الكوميديا السوداء ... ان الكآبة التي تكتنف كوبريك وفكاهته الخبيثة قد زخرفت الفيلم بقشرة مخادعة من السخرية والتهكم، وقد عام 1964 فيلمه " الدكتور سترينجلاف " عن الحرب النووية .
وقدم نص فيلم " 2001 : اوديسة الفضاء " الذي اخرجه كوبريك عام 1968 كفنان بحت بين صفوف أسياد السينما ، الفيلم يعد ملحمة خيال علمي، يقدمها كوبريك بأناة ودقة ينتجهـا ويخرجها ويكتب السيناريو لها ليضمن مفاتيح اللعب كلها لكن ما يقوله في النهاية – بوضوح- هو أن الانسان سيشب يوما عن طوق الآلة أو ربما ينسحب فيما وراءها بواسطة وعي- قوي- كوني- ليعود سيرته الأولى طفلا، لكنه في هذه الطفولة أكثر تقدما من طفولته الأولى التي عبر عنها بأجيال القردة ، ويتبعه بفيلمه الشهير " البرتقالة الالية " الذي قال عنه بونويل : " هو فيلمي المفضل ،كنت من المعارضين لهذا الفيلم ولكن بعد ان شاهدته أدركت بأنه الوحيد الذي يعبر عن العالم الحقيقي المعاصر الذي نعيش فيه " .

واذا كان الحاسب الآلي في أوديسا الفضاء 2001 هو أكثر شخوصه إنسانية، وأن فيلم البرتقالة الآلية يظل مفجعا في تقديمه موضوعة العنف، فهو في فيلمه باري ليندون (1975) يريدنا أن نفك موضوعاته وشخوصه كما لو كانت أجزاء آلية، ومع باري ليندون، المأخوذ عن رواية- كالعادة- للكاتب ثاكري، يقدم كوبريك لنا بطريقة مثالية بحثا حول تلك الثيمة ، بطله شاب تعصف به الحوارث، ولا يتحكم قي حياته إلا قليلا، ليقع بطريقة حمقاء في حب مراهقته ! لكنه يغادر الحي فجأة بعد مبارزة ، وبعد انخراطه في الجيش البريطاني يحارب في أوروبا، حيث الصحراء من كل جانب، لا يجد الرفقة الطيبة ، يتزوج من امرأة ذات ثراء وحسن ثم يحطم عالمه لأنه يفتقر الى الشخصية التي تجعله ينجو بنفسه، هذا كله يحدث بمحض المصادفة، لا توجد أدنى عقلانية منطقية توجب حدوثها، لا نظرية في الحياة ولا شخصية ما تقود البطل نحو حتفه.

بقلم الكاتب \ محمد عبيدو

الأحد، 6 مايو 2007

شارلي كوفمان




من النادر أن تجد جواباً غير نظرات الحيرة عندما تسأل حتى المهتمين بالسينما عن أي من كتّاب السيناريو. ففي عالم يعتمد على السيناريو والإخراج والأداء يحصل الممثل على الشهرة ويحوز المخرج الثناء بينما يقبع السيناريست في خنادق التجاهل بعيداً عن واحات الشهرة والمجد وكأنما كان هذا عرفاً سائداً في عالم السينما.

منذ فيلمه الأول عام 1999 لا يزال شارلي كوفمان ممسكاً بمعول عبقريته ليكسر تلك القاعدة وليتبوأ مكاناً لم يسبقه إليه أي سيناريست بدخوله قائمة أكثر 100 شخص قوة ونفوذاً في هوليوود.

بدأ شارلي كوفمان الكتابة مبكراً فمسرحياته الصغيرة عندما كان طالباً كانت تلاقي استحسان زملائه. خرج من جامعته في بوسطن ليلتحق بجامعة نيويورك ويدرس السينما هناك وأخذ يبحث لاحقاً عن فرص ليعرض أيا من كتاباته لأحد المسؤولين في هوليوود لكنه لم يفلح، فخطر على باله أن يشترك في كتابة مسلسل تلفزيوني ليكتسب شهرة بسيطة تسهل عليه الحصول على فيلمه الأول، ظل يتصل أسبوعياً ولأكثر من سنة كاملة ليتابع ما إذا قرأ البعض شيئاً من نصوصه حتى تم قبوله ككاتب عام 1990 مع المسلسل الكوميدي Get A Life أعقبه بثلاث مسلسلات أخرى. خلال تلك الفترة أخذ كوفمان بكتابة سيناريو لأفلام أرسل أحدها لمخرج فيلم «العرّاب» فرانسيس فورد كوبولا الذي وجد في نص كوفمان المسمى «أن تكون جون مالكوفيتش» Being John Malkovich فكرة ذكية عرضها على زوج ابنته المخرج الشاب سبايك جونز الذي بمجرد انتهائه من قراءة النص بادر بالاتصال بكوفمان ليعرض عليه أن يقوم هو بإخراج الفيلم.

لم تمنع ميزانية فيلم «أن تكون جون مالكوفيتش» المنخفضة البالغة 13 مليون دولار فقط من أن يقف معظم النقاد احتراماً لهذه العبقرية التي أعادت لنصوص هوليوود شيئاً من هيبتها. يتناول الفيلم قصة محرك دمى أطفال (أراجوز) في الشارع (قام بالدور الممثل جون كيوزاك) يعاني من اضطرابات في حياته الشخصية والاجتماعية يستجيب لطلب وظيفة لشركة اتخذت مقراً لها في الدور (السابع والنصف!) من أحد المباني ليكتشف فيها فتحة صغيرة يدخلها لتنتهي به في رأس الممثل جون مالكوفيتش فيرى ما يراه ويحس بما يشعر به مالكوفيتش. تقنعه زوجته بأن يستغل هذا الأمر تجارياً فيبدأ السماح للبعض بالدخول في عقل مالكوفيتش في جولة مدتها 15 دقيقة مقابل مبلغ من المال. يعلم مالكوفيتش عن الأمر فيجره فضوله هو الآخر للدخول في عقله هو. الفيلم مليء بالغرائب والمنحنيات المذهلة التي جعلت الكثير من النقاد يضعونه أفضل أفلام السنة وأحد أفضل أفلام العقد. ترشح كوفمان لأوسكار أفضل سيناريو أصلي لكنه خسر أمام آلان بال في «الجمال الأميركي».

عاد كوفمان في «طبيعة بشرية» Human Nature عام 2001 مع المخرج الفرنسي ميشيل قوندري الذي يقوم فيه عالم مهووس (تيم روبينز) بمحاولة إعادة إجبارية لشاب نشأ في غابة ومع الحيوانات إلى الحضارة أو الإنسانية كما يراها. حاز الفيلم على جائزة الآمال الكبيرة في مهرجان ميونخ السينمائي رغم أن أرباحه في دور العرض لم تصل المليون دولار.

عقد بعد ذلك كوفمان اتفاقاً بكتابة اقتباس لرواية الكاتبة سوزان اورليان الناجحة المسماة «سارق الأوركيد»، التي تتحدث عن شخص مهووس بزهور الأوركيد النادرة يقوم بسرقتها من المحميات الطبيعية باستخدام ثلاثة من الهنود الحمر الذين لا يطالهم القانون. القصة جميلة لكن تحويلها لفيلم أمر صعب فهي مليئة بالمعلومات عن الزهرة لكنها خالية من الخطوط الدرامية. جلس كوفمان ما يقارب الأربعة أشهر لم يستطع فيها كتابة صفحة واحدة حتى كاد أن يؤمن بأن مستقبله ككاتب قد انتهى. لكنه قرر فجأة أن يتناول معاناته هو ككاتب في تحويل الرواية لفيلم فظهر لنا فيلم «اقتباس» Adaptation عام 2002 الذي جلب له ترشيحه الثاني للأوسكار لكن لنص مقتبس هذه المرة. في هذا الفيلم الذي أخرجه سبايك جونز أيضاً خلط كوفمان الحقيقة بالخيال ومزجهما بشكل فريد، حيث جعل له أخاً توأماً (قام بالدورين الممثل نيكولاس كيج وترشح عنهما لأوسكار أفضل ممثل) وأشرك هذا الأخ الخيالي (دونالد) في كتابة سيناريو الفيلم كما جعل الفيلم مهدى لذكراه في الخاتمة. الطريف أن هذا الأخ الخيالي (دونالد) ترشح مع شارلي لجائزة أفضل سيناريو في كل من القولدن قلوب والأوسكار. في نفس العام خرج فيلم «اعترافات عقل خطير» Confessions of A Dangerous Mind. أخرج الفيلم الممثل الشهير جورج كلوني وهو عن شاب قام بخلق برنامج تلفزيوني ناجح يتم تجنيده لاحقاً من قبل المخابرات المركزية الأميركية ليقوم باغتيالات لصالحها. ذكر كوفمان مرة أن هذا الفيلم كان مكتوباً قبل فيلمه الأول «أن تكون جون مالكوفيتش».

ما أن عرض المخرج ميشيل قودري على الممثل جيم كيري بأن يقوم ببطولة فيلم شارلي كوفمان الجديد حتى وافق مباشرة قبل أن يقرأ النص، بل وافق على خفض أجره الاعتيادي (20 مليون دولار للفيلم) كون هذا المبلغ يساوي الميزانية الكاملة لفيلم «إشراقة أبدية لعقل نظيف»Eternal Sunshine of the Spotless Mind والذي يتلقى فيه كيري رسالة من شركة تخبره بأنه قد تم مسح جميع الذكريات المتعلقة به في عقل حبيبته السابقة (كيت وينسلت) خلال عملية طلبت أن تخضع لها مما يجعله يحاول خوض نفس التجربة، لكنه يتردد بعد فوات الأوان فيحاول التشبث بآخر تلك الذكريات. الفيلم لاقى ترحيباً شديداً من النقاد.

وقد يكون كوفمان أكثر كتاب هوليوود طلباً ونفوذاً وأكثرهم شهرة رغم حرصه المبالغ في ألا يظهر على شاشات التلفزيون أو أن يتم تصويره وقد يرى فيه الكثير من النقاد الملعقة التي ستقلب موازين هوليوود، لكن هذا لم يشفع له عند عامة الجمهور الذي قد يرى في أفلامه الكثير من التعقيد والغموض مما أدى لإعراضه عن أفلامه التي بلغ متوسط أرباح الواحد منها عشرين مليون دولار، وهو مبلغ ضئيل في زمن «سبايدر مان» و«سيد الخواتم».

عُرف كوفمان بحرصه الشديد على مرافقة المخرج خلال سير الفيلم، فهو على حد قوله يجب أن يتأكد بأن ما كتبه سيصل للمشاهد كما أراده هو، وقد أعطاه كل من جونز وقودري الكثير من الصلاحيات، لكن جورج كلوني كان له رأي آخر فطلب منه عدم التدخل وهو الأمر الذي جعل كوفمان يعترف بأن «اعترافات عقل خطير» كان أقل أفلامه قرباً إلى نفسه. تميز شارلي كوفمان بإتقان الطرح والمهارة في رسم المنحنيات الهامة في سياق القصة بطريقة مبتكرة تبرأ فيها عن كل ما هو تقليدي. أولى اهتماماً أكبر لشخصياته فدرسها وغاص في أعماق مخاوفها وشكوكها في خليط أخاذ بين الحقيقة والخيال. على عكس بقية كتاب هوليوود، الحب عند كوفمان يأتي لاحقاً، فالاضطراب النفسي وعدم الرضا عن الذات يسيران بتلك الشخصيات بعيداً عن علاقات عاطفية ناجحة. لا يعتبر كوفمان شخصياته مجانيناً، قد تشوبهم الغرابة لكنه يوازن بحذر فلا يوصل تلك الغرابة لمستوى الهزل.

يقول كوفمان: «الناس دائماً يقولون إنه لن يكون هنالك أي شيء جديد فلم نتعب أنفسنا؟ أما أنا فأظن أن أحد أهدافي هو مواصلة المحاولة لمعرفة ما إذا كان هنالك شيء جديد». أيها السادة.. هذا هو الكاتب العبقري المثابر الذي سيظل يبحث عن كل ما هو مبتكر.. هذا هو شارلي كوفمان.


بقلم \ عبد الله ناصر القحطاني

الثلاثاء، 27 مارس 2007

كونتن تارانتينو المخرج المشاهد !

كونتن تارانتينو.. المخرج المشاهد الذي صنع أفلامه من ذاكرة الفيديو
الاستعارات والاقتباسات السينمائية حاضرة في أغلب نواحي أفلامه من حوارات وأفكار وأحداث وزوايا تصوير
كانت مشاهدة الأفلام بالنسبة لغالبية الناس في السبعينات وما قبلها مقتصرة على دور السينما والتلفزيون (الذي لا يكون عرض المواد فيه اختيارياً). وفي بداية الثمانينات، انتشرت تقنية الفيديو المنزلي، فامتد خط تواصل جديد بين السينما والمشاهد، الذي أصبح بإمكانه اقتناء أفلامه المفضلة والأفلام التي انتهى عرضها سينمائياً ومشاهدتها وتكرارها متى ما أراد. ولا ريب أن هذه النقلة في طبيعة المشاهدة السينمائية والعلاقة بين المشاهد والسينما أثرت على طبيعة الأفلام نفسها، وذلك بعدة أشكال. ويتمثل أحد الأشكال في ظهور نوعية معينة من المخرجين السينمائيين يطلق عليهم أحياناً «جيل الفيديو»، ويقصد بهم الجيل السينمائي الذي نشأ في ظل وجود تقنية العرض المنزلية، ويعتبر كونتن تارانتينو (صاحب افلام «كلاب المستودع»، «بالب فيكشن» و«اقتل بيل» ومحور هذا المقال من أبرز وأول الأسماء المصنفة ضمن هذا الجيل.
ولد كونتن تارانتينو عام 1963 لأم مغرمة بالتلفزيون والأفلام تبلغ من العمر 16 عاماً، سمته على اسم شخصية لعبها الممثل بيرت رينولد في مسلسل «دخان السلاح». وبما أن كونتن كان لصيقاً بوالدته طوال نشأته، فقد أصبح هو الآخر منذ صغره مدمناً على التلفزيون والسينما. وفي سن الثانية والعشرين، حصل على عمل في متجر كبير لأفلام الفيديو في كاليفورنيا. وكما هو متوقع من عاشق للأفلام يوضع في مكان كهذا، أمضى كونتن جل وقته في مشاهدة الأفلام (ومناقشتها مع صديقه روجر أفاري الذي التقاه في المتجر). وفي وسط هذه المتابعة المكثفة شعر كونتن برغبة في اقتحام المجال السينمائي العملي، فكانت الخطوة الأولى نحو ذلك من خلال كتابة أول سيناريو له بمساعدة صديق له كان يدرس السينما وسماه «عيد ميلاد أعز أصدقائي». ولكن هذا النص لم يكتمل ولم ير النور قط. بعد ذلك بسنة أتم تارانتينو أول نص سينمائي مكتمل له وسماه «رومانسية حقيقية» ثم كتب نص «قتلة بالفطرة». كان كونتن يكتب النصوص ثم يبيعها كلياً، فلا تكون له سلطة عليها بعد البيع ولا يكون له أي دور أثناء عملية التصوير، مما يفسر ظهور اسمه في بيانات فيلم «قتلة بالفطرة» ككاتب القصة فقط، بينما نسب السيناريو لأوليفر ستون وشركائه في الكتابة، حيث أجرى هؤلاء تعديلات عديدة على نص كونتن الأصلي.
وكان تارانتينو ينوي أن يستخدم ما يقبضه مقابل نصوصه في انتاج فيلمه الأول «كلاب المستودع» بإمكانيات متواضعة (كاميرا 16 مليمترا، مع أصدقائه كممثلين). ولكن ولحسن حظه (وحظنا) أنه التقى بصديقه المنتج لورانس بندر، وكان لورانس يعرف الممثل القدير هارفي كيتيل، فأطلع كونتن لورانس على نصه، ثم أخذه هذا الأخير الى هارفي كيتل، فأعجب كيتل بالسيناريو جدا، وقرر أن يدعمه. فساهم في رفع ميزانية الفيلم، وساعد كونتن في اختيار ممثلين أكفأ وأنسب، وأستخدم علاقاته ليعزز طاقم الانتاج بخبرات أكبر. وبقي السيناريو سيناريو تارانتينو، ووضع تارانتينو على كرسي المخرج لأول مرة. وأنتج الفيلم مستقلاً. في عام 1992 استطاع كونتن أن يعرض فيلمه في مهرجان «صندانس» للأفلام المستقلة، ثم في عدة مهرجانات عالمية. ونتيجة للأعجاب الذي حظي به الفيلم اشترت شركة «ميراماكس» حقوق الفيلم ووزعته بشكل أوسع في أميركا وخارجها. عند هذه النقطة، تأمل أحد النقاد بحالة كونتن تارانتينو، وبفيلمه الذي أثار ضجة نسبية، فلاحظ أمراً هاماً وهو أن كونتن لم يدرس الإخراج ولم يمارسه من قبل (سبق أن أخذ دورة في التمثيل فقط)، ولم ينخرط في العمل السينمائي قبل أن يمارس الاخراج بنفسه، حتى النصوص التي كتبها لم يكن يتابع تصويرها بنفسه. فإذا كان الأمر كذلك، فمن أين لتارانتينو هذا التمكن في الكتابة والإخراج ومن أين له هذه اللمسة الاحترافية؟
الإجابة عن هذا السؤال هي ذاتها تعريف مصطلح «جيل الفيديو». عندما بدأ تارانتينو بالعمل على فيلمه الأول، كان قد تشرب الصنعة السينمائية ببعديها الكتابي والإخراجي من خلال المشاهدة المفرطة للإفلام، وخاصة عن طريق الفيديو، هذه التقنية التي تتيح، بسهولة لا تتوفر في السينما، مشاهدة الأفلام القديمة والجديدة مراراً وتكرارً، والتنقل داخل الفيلم، وتكرار مقاطع معينة، والعرض بالحركة البطيئة، وتجميد الإطارات وما إلى ذلك من الأمور التي تجعل الفيديو وسيلة مثالية لدراسة الأعمال السينمائية وتحليلها وتشريحها. وكون تارانتينو (وأمثاله) قد اكتسبوا معرفتهم بالسينما بهذه الطريقة (فقط) يعني أن هذه المعرفة تتكون في غالبها من نماذج فعلية تطبيقية، لا من نظريات أو مبادئ سينمائية مجردة. وكنتيجة لذلك، تكون أفلامهم متأثرة تأثراً واضحاً بأفلام سبقتها. فنجد الاستعارات والاقتباسات السينمائية حاضرة في أغلب نواحي الفيلم من حوارات وأفكار وأحداث وزوايا تصوير، بل وفي الجو العام للفيلم. فمن الملاحظ أن كل فيلم من أفلام تارانتينو يصطبغ بطابع تقليدي معين من حيث الشكل، ففيلمه الأول كان على غرار أفلام السطو «هايست» ومن أبرز الأفلام التي شبه بها فيلم «القتل» لستانلي كوبريك. وفيلمه الثاني «بالب فيكشن» كان، بشكل متلاعب فيه، يجمع بين أفلام العصابات والأفلام السوداء (فيلم نوار). أما فيلمه الثالث «جاكي براون» فكان على غرار أفلام الستينات والسبعينات الرخيصة (اكسبلويتيشن) التي كانت تعتمد على الأكشن والنساء والموسيقى السريعة. وآخر أفلامه «اقتل بيل» كان على غرار أفلام الحركة المصنوعة في هونغ كونغ، وأفلام الصور المتحركة اليابانية.
بقلم الكاتب \ حسام الحلوة

الاثنين، 26 مارس 2007

كونتن تارانتينو فعل بالسينما ما فعله تي إس إليوت بالشعر


عندما تشاهد فيلماً لكونتن تارانتينو، فستلاحظ أن الفيلم يحيلك باستمرار إلى عدة أفلام وشخصيات سينمائية أخرى، بطريقة مباشرة او غير مباشرة، وكلما كانت مشاهداتك السابقة أكثر، كلما كان ادراكك لهذه الإحالات أو الإشارات أكبر فمثلا في فيلم «كلاب المستودع» يذكرنا مشهد شخصيات الفيلم وهم يمشون معاً على امتداد الشارع في بداية الفيلم بفيلم الزمرة المتوحشة لسام بيكنباه. كما يحتوي الفيلم على استعارات واضحة من الفيلم الهونغ كونغي مدينة تحترق لرينغو لام مثل العلاقة بين المخبر المتخفي وأحد أفراد العصابة، وطريقة موت بعض الشخصيات، وبعض الحوارات المنقولة بالنص. بالإضافة إلى ذلك نجد في حوار الفيلم إشارات مباشرة لشخصيات سينمائية مثل الممثلة بام غرير والممثل لي مارفن. وفي فيلم بالب فيكشن» تكاد تكون شخصية أوما ثورمان منسوخة من الشخصية الرئيسية في فيلم «عيشُ حياتي» للفرنسي فرانسوا تروفو، في شكلها قصة الشعر، واللباس الأبيض والأسود، وفي طريقة تفكيرها حيث تطرح كل من الشخصيتين تساؤلا حول الحاجة إلى الكلام ولكن بطريقتين مختلفتين. وفي نفس الفيلم، المشهد الذي يرى فيه الممثل الأسود فينغ ريمز عند عبوره الشارع بروس ويليس وهو واقف عند إشارة المرور، يذكرنا بمشهد مماثل في تحفة هيتشكوك «سايكو» عندما يرى رئيس العمل موظفته عند الإشارة وهو يعبر الشارع.




وفي فيلم جاكي براون كُتب العنوان بنفس الخط المميز الذي كتب به عنوان فيلم بام غرير فوكسي بروان» الذي هو أيضاً مصدر الإسم جاكي براون. كما استخدم تارانتينو ثلاثة من أبرز الممثلين الذين ارتبطت أسماؤهم بالفئة السينمائية المندثرة التي يحاكيها هذا الفيلم، وهم بام غرير وروبرت فورستر وسيد هيغ. وفي هذا الفيلم أيضاً، يقول صامويل جاكسون، الذي يلعب دور تاجر سلاح، أن الذين يشترون منه أسلحة لا يشترون واحدا، بل إثنين، لأن كل واحد منهم يريد أن يصبح القاتل. وفي ذلك إشارة إلى فيلم «القاتل» لجون وو حيث كان القاتل يحمل سلاحين وليس واحدا. وفي فيلم تارانتينو الأخير أقتل بيل أبرز إشارة تواجهنا هي بدلة أوما ثورمان الصفراء المطابقة لتلك التي ظهر فيها بروس لي في فيلم «لعبة الموت». ومع أن أفلام تارانتينو مليئة بالنقل والاستعارة، إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يملك هوية خاصة به كسينمائي، بل على العكس، يعتبر تارانتينو من أبرز المخرجين الشباب وأكثرهم تميزاً، ومن أقوى من أثر في السينما الحديثة، وهناك عدد من المخرجين الذين ظهروا بعده يصنفون كمتأثرين بمدرسة تارانتينو ومنهم دوغ ليمان وغاي ريتشي. لقد نجح تارانتينو في تحقيق قدر كبير من الأصالة على الرغم من إعتماده في استقاء أدواته على مخزون مشاهداته، وذلك يعود، من وجهة نظري، إلى ثلاثة أسباب: الأول، أن النقل والتقليد في أفلام تارانتينو أفرز نوعية جديدة لا مكررة من الأفلام، تماماً كما أن عصير الفواكه المشكلة لا يشبه طعمه أو شكله عصير أي واحدة من الفواكة التي تدخل في تحضيره. والثاني، أن هذه الاقتباسات ليست منقولة عشوائياً أو اعتباطياً، بل هي موظفة في كثير من الأحيان لخدمة غرض الفيلم، وهذا أسلوب معروف في الأدب، وربما يكون تارانتينو أو من استخدمه في السينما بهذه الكثافة، لذلك يمكننا أن نشبه أفلامه بقصائد تي إس إليوت الحائز جائزة نوبل للآداب وبالأخص قصيدة «الأرض الخراب» التي يحمل كل بيت منها إشارة إلى عمل أدبي مختلف . والثالث، أن تلك الاستعارات والإشارات تبقى متعلقة بشكل ومظهر الفيلم فقط، وليس لها أي سلطة على المضمون، هي فقط وسيلة لنقله، مجرد إطار لمادة أصلية بحته. يقول تارانتينو في أحد اللقاءات التلفزيونية: «أن أفلامي تبدو للوهلة الأولى منتمية لنوعية معينة من الأفلام»، ولكني أعبث بهذه النوعية، بمعنى أنه لا يسمح لنفسه بالاستطراد في التقليد، فعند نقطة ما لا بد أن يكسر الانقياد لمعطيات النوعية التقليدية، ويمارس ذاتيته. ومن الملاحظ أن تلك الاستعارات تجاوزت كونها طبيعة تلقائية وأصبح تارانتينو يتعمدها كجزء من أسلوبه الخاص. لذلك نشاهده يستعير حتى من أفلامه الخاصة. فمثلاً فيغا» كان الاسم الاخير لكل من شخصية مايكل ماديسن في كلاب المستودع وجون ترافولتا في «بالب فيكشن» والجدار الأحمر الذي في بداية فيلم كلاب المستودع» ظهر في فيلم بالب فيكشن» والبدلة السوداء التي لبستها أوما ثورمان في «بالب فيكشن» ظهرت في جاكي براون وهكذا. إن الإشارات في أفلام تارانتينو لا تقتصر على السينما بل تشمل الموسيقى والأغاني والتلفزيون والأدب. وتارانتينو عندما يحَمل أفلامه هذا الكم من الإشارات إلى أشياء نشأ على مشاهدتها أو قراءتها أو سماعها فإنه يحقق نوعا جديدا ومميزا من السينما الشخصية. سينما شخصية لا تكمن شخصيتها في واقعية القصة، فقصص تارانتينو بعيدة عن الواقع، بل تكمن في إطلاق المخرج العنان لعاطفته كمتلقي وكمعجب. بل كمهووس بإنتاجات غيره، وليس كفنان منتج وحسب. الأمر الذي يجعل من يشاهد أفلام تارانتينو لا يجد صعوبة في تصور محتويات مكتبته الشخصية السينمائية والموسيقية والأدبية. هذا النوع من الشخصية حاضر أيضاً عند مخرج آخر يصنف ضمن جيل الفيديو وهو كيفن سميث، حيث يظهر من خلال أفلامه هوسه بالقصص الرسومية واهتمامه برياضة الهوكي، ومن خلال حواراته يظهر تقديره لبعض الأعمال السينمائية. بسبب اختلاف ميولهم وخبراتهم وتفاوت مقدار ونوعية دراستهم السينمائية الأكاديمية، يبقى لكل واحد من أفراد «جيل الفيديو» تميزه وخصوصيته، ويظل في نفس الوقت بينهم تشابه وتقارب. فمن الملاحظات الظريفة أن أفلام أبناء جيل الفيديو من أنسب الأفلام للإقتناء على أشرطة فيديو وسائط العرض المنزلي عموماً. فأفلام تارانتينو وسميث وبول توماس أندرسون، مثلاً، من الأفلام التي تصلح للمشاهدة غير الكاملة. بمعنى أن المعجب بها قد يعيد مشاهدة أي جزء من أحدها دون أن يشعر أنه مضطر لإكماله. وكأن الفيلم صنع خصيصاً ليناسب العرض المنزلي على ذلك الجهاز الذي خرّج لنا جيلا مختلفا من المخرجين، ونوعية مختلفة من الأفلام.

بقلم الكاتب \ حسام الحلوة

الجمعة، 23 فبراير 2007

The Departed - 2006




تدور القصه بشكل عام عن وضع احد افراد عصابة ايرلنديه - قائدها كاستيلو - الذي يقوم بدوره بتربية طفل حتى ادخاله في اكاديميه شرطة مساشوتس لغرض الوصول الى مرتبة عاليه بالشرطة حينا يقوم بتسهيل عمليات هذه العصابه من انشطتها المتنوعه مثل بيع المخدارت تجاره .. قتل السيطرة اخذ ضرائب من الاحياء والمراكز التي فيها .في الجهة المقابله نشاهد شاب مكافح - بيل - يدخل الاكاديمه التى كانت طموحه لكن بعد اجتيازه للدوره يصل الى طرده او العمل كمتخفي للشرطة وذلك لانه عائلة تحمل سجل اجرامي كبير من عمه الى والده ..ألخ ، وهكذا تبدأ القصة بين الطرفين فزعيم العصابه ادخل رجل بشرطة و الرقيب ديجمان وضع - بيل - متخفي في عصابة كاستيلو !هذه المعركة كانت بين طرفيين لا يعرفون بعضهم مما زاد الامر تشويقا - هل سيلتقيان - ماذا سيحصل للطرفين هل ستنتصر الشرطة ام العصابه ! اسئلة كثيرة وضعها المخرج سكوسيزي ببراعه وجعل الاجابه عليها باحداث مشوقه فتارة يصلون العصابه لمعرفة الفأر الذي وضعته الشرطه وتار الشرطة تصل الى المخبر المتخفي ! بدأ المخرج مارتن سكورسيزي ببدايه سريعه ولم يضيع الوقت في مراحل نمو او شي من ذلك وبدأ استعراض للشخصيات الرئيسيه بالفيلم بداية من جاك نيكلسون الذي لعب دور كاستيلو زعيم العصابه الايرلندي - المرعب - الرسام - يروي لنا في بداية الفيلم اعتقاداته وارائه بالحياة التى عاشها وشاهدها امامه وقال بالبدايه - لا أريد أن أكون من صُنع بيئتي - أريد أن تكون بيئتي من صُنعى وهذا ان يدل على البطش الشديد لهذه الشخصيه ، عموما يقوم بتحديد هدفه الاول وهو وضع شخص يعمل بالشرطة وهنا تظهر لنا شخصية - مات ديمون - كولن - شاب متحمس يساعده كاستيلو في البدايه ونراه يعود مراره وتكرارنا قرر هنا وضع عمله وبناءه بهذه الشخصيه كولن ، عموما نرى اظهار الطرف الاخر هنا وهو - ليوناردو ديكبريو - بيلي - الذي يدخل الاكاديميه مع علمه ان قبوله سيكون صعب بسبب ما تحمله عائلته الاجراميه من سجلات لدى الشرطة ، بعدها نشاهد تخرجهم ويحدد كلن منهم طريقه ومنصبه في كولن يصبح ذو منصب بالشرطة ومخبر للعصابه و كاستيلو - بينما بالطرف الاخر نشاهد بيلي يرفض ويجبر على العمل متخفي لدى العصابات ، في هذه الوقت القصير وضح لنا المخرج ماذا سيكون في مضمون الفيلم بشكل عام . تسير الاحداث بشكل سريع الى بطيئ وتبدأ لعبة - القط والفأر - فالشرطة تبحث عن الجاسوس المتخفي لديها ، والعصابه تبحث عن الفأر تسلسل مرن في الاحداث وترابط قوي بين الطرفين واعطاء كل جانب حقه من الفيلم ، وتوزيع جميل للادوار ونلاحظ ان السيناريو كانا مبهرا ومحكما وحوارات لا تمل من منها فكل مشهد يحمل معنى ولا يخرج خاويا رغم المعنى نشاهده يحمل حدث مرتبط بالاخر ازداوجيه الشخصيه لدى ليو كانت مذهله فتارة يجلس مع العصابه والاخرى يحادث الشرطة اداء جميل ومحكم من بيلي الشرطي المتخفي الخائف من كشف امره وقتله دون رحمه بسرعه وارتباك مخفي بإحكام ، عموما نشاهد الاحداث التى يستعمل فيها المشاهد تركيزه قليله و بكل مشهد هناك شي يجذب المشاهد - هنا عبقرية سكوسيزي - فالمخرج هنا غير قليلا من اسلوبه فالفيلم محشو بالاحداث التى تحتاج توزيع منتظم و مرتب بحيث يجذب المشاهد ويبهر النقاد و يحتل مكانه في اوساط الافلام المنافسه ! فمارتن سكوسيزي لم يغطى الشخصيات بعمق او يظهر لنا ماضي بيلي وماذا عانا او ماضي كولن او حتى كاستيلو فأخذ امور تجعلنا نفهم طبيعتهم التى يحتاجها الفيلم فشاب طموح يسعى للوصول الى الاكاديمه بعد انتهاء مهمة التخفي والاخر فقط لإرضاء الزعيم الذي رباها بينما نشاهد كاستيلو مل ! ولا نرى ماذا يريد سوى اكمال حياته الاجراميه . عموما نتطرق الى الشخصيات فالبطوله والادوار كانت مناسبه فـ دي كابريو و ديمون هم الاساس بالفيلم مع مشاركة جاك نيكلسون بجانب ديمون بالفيلم ومارك ويلبيرغ الذي ابدع بالجزء المسموح له وختم الفيلم بصمت واستخدامه للمسدس ورحل ! لكن الابرز ليو بعد تعاون جديد مع المخرج مارتن سكوسيزي فبعد تحفة الطيار يعود بهذا الفيلم واتوقع نجاح كبير ايضا بتعاون اخير لهم بفيلم سيعرض عام 2010 ، ومات ديمون الذي ادى الدور المطلوب وجاك نيكلسون " الاسطوره " اخذ المساحه التى يريد دون اعتراض بالتاكيد نشر ونثر ابداعه في المشاهد التى ظهر بها امام ليوناردو او امام مات ديمون نشاهده ياخذ البريق كاملا . مقاطع عديد لا يمكن ان تنسى ولحظات تحبس الانفاس ، والخاتمه كانت غريبه جدآآ لكنها اعجبتني بشكل خاص غير النهايات المبتذله ومشاهد اطلاق النار بالنهايه كانت خررافيه و واقعيه بشكل جميل وتخليص الشخصيات واهناءها بهذا الشكل جعل من الفيلم طريقته خصوصا مشهد النهايه تحفــه فنيه . اخيرا سكورسيزي حصل اوسكاره المستحق اخيرا بعد ان ظلم بعدة افلام اذكر منها " سائق التاكسي - الثور الهائج - رفاق طيبون - عصابات نيويورك - الطيار " فهذا الاوسكار استحقه بجداره ، والمتابعه التى قام بها سكورسيزي واختياره للمثلين والكاتب وليام موناهان الذي برع في اقتباس القصة الرئيسيه و نسج خيوط سيناريويه جميله جعلت من الفيلم مكملا على الوجه المطلوب .

السبت، 6 يناير 2007

أفضل 10 أفلام عام 2000


 أفضل 10 أفلام عام 2000 : 

1-  Requiem for a Dream
2-  Joint Security Area
3- In the Mood for Love
4- Cast Away
5-  Il Mare
6- O Brother, Where Art Thou?
7- Malèna
8- American Psycho
9-  You Can Count on Me
10-  Traffic

الجمعة، 5 يناير 2007

أفضل 10 أفلام عام 2001


 أفضل 10 أفلام عام 2001 : 

1-  Failan
2- Mulholland Dr
3- A Beautiful Mind
4- Memento
5- A.I. Artificial Intelligence
6-  The Royal Tenenbaums
7-  My Sassy Girl
8-  I Am Sam
9-  Training Day
10-   In the Bedroom

الخميس، 4 يناير 2007

أفضل 10 أفلام عام 2002


 أفضل 10 أفلام عام 2002 : 

1- The Pianist
2-  Gangs of New York
3-  About Schmidt
4- Road to Perdition
5- Talk to Her
6- The Ring
7-  Sympathy for Mr. Vengeance
8- Panic Room
9- Catch Me If You Can
10- 25th Hour
11- The Count of Monte Cristo
12-  Spirited Away

الأربعاء، 3 يناير 2007

أفضل 10 أفلام عام 2003


 أفضل 10 أفلام عام 2003 : 

1- Oldboy
2- Kill Bill: Vol. 1
3-  Mystic River
4- Big Fish
5-  Lost in Translation
6-  In America
7-  21 Grams
8-  The Twilight Samurai
9-  A Tale of Two Sisters
10-  Evil

الثلاثاء، 2 يناير 2007

أفضل 10 أفلام عام 2004


 أفضل 10 أفلام عام 2004 : 

1- Kill Bill: Vol. 2
2- The Sea Inside
3-  The Machinist
4- Million Dollar Baby
5- Sideways
6- Eternal Sunshine of the Spotless Mind
7- Finding Neverland
8- Collateral
9- Closer
10- Hotel Rwanda

الاثنين، 1 يناير 2007

أفضل 10 أفلام عام 2005


 أفضل 10 أفلام عام 2005 : 

1-  A Bittersweet Life
2-  Sympathy for Lady Vengeance
3- V for Vendetta
4- Walk the Line
5- Cinderella Man
6- Broken Flowers
7- A History of Violence
8- Harsh Times 
9- Munich
10-  Crying Fist
11- Howl's Moving Castle
 12- The Exorcism of Emily Rose

أفضل 10 أفلام عام 2006


 افضل 10 أفلام عام 2006 : 

1- The Fountain
2- The Prestige
3- The Departed
4- The Pursuit of Happyness 
5- The Last King of Scotland
6- Blood Diamond
7- Little Children
8- Babel
9-  Volver
10-  Children of Men

 أفلام ممتازه وتستحق المشاهده : 

1- Cashback
2- Inside Man
3- Borat
4- Little Miss Sunshine
5- Stranger Than Fiction
6- The Host
7- Inland Empire
8- The Illusionist
9- The Lives of Others
10- I'm a Cyborg, But That's OK