السبت، 22 مارس 2008

" الفلسفة الإخراجية " .. مدرسة جديدة تخرج بهوليوود عن المألوف

كوينتين تارانتينو وتلميذه روبرت ريدريجوز المنظران الجدد لفن صناعة الأفلام السينمائية

"الفلسفة الإخراجية"، كما هو معروف في تاريخ السينما العالمية، أشهر المخرجين المعروفين على مستوى العالم، والمرغوبين بكثرة من أمثال فرانسيس فورد كوبولا، مارتن سكورسيزي، وستيفين سبيلبرج، انتهجوا نهج الأفلام الجادة، التي لا تحتوي إلا على إبداع لا يخرج عن القوانين المتعارف عليها في عالم السينما، كما أنهم يبتعدون عن الفلسفة في إبداعهم الإخراجي.
ولكن في يوم ما، ظهر مخرجان رفضا التقيد بما يفعله اساتذتهم، وانتهجا طريقاً جديداً في عالم الإخراج السينمائي، ليس لمجرد الرغبة في الشهرة أو استعرض للقوة، إنما طاقات وإبداع أرادا تفجيرها في مجال هما يحبانه، وبعض النقاد أسموا طريقهما فلسفة إخراجية، ولكن هذه الفلسفة جلبت لهم ما كانا يريدانه.

البداية كانت عند المخرج كوينتين تارانتينو المولود في 27 مارس 1962م في مدينة تينسي، تارانتينو الذي بدأ حياته كبائع في متجر للأفلام، فكان مدمنا بدرجة الأول، وأثناء ذلك كان يتدرب على كتابة السيناريو مع أحد أصدقائة، أما الآن أصبح من أفضل المخرجين العالميين، فحاليا هو مخرج في المقام الأول، مؤلف، ممثل، ومنتج.

منذ بدايته لم يتردد تارانتينو في تحديد مسار طريقة السينمائي، ففي عام 1987م بدأ فيلمه الأول وكان من تأليفه وإخراجه وشارك في بطولة الفيلم، بعدها فجر طاقاته عام 1992م في فيلم "ريسيرفوير دوق"، كانت تارانتينو يفرض أسلوبه الغريب الرائع في الفيلم، ورغم أن الفيلم لم يحقق الأرباح المطلوبة، وفي عام 1994م فجر تارانتينو موهبته وخبرته من متابعة الأفلام بإخراج فيلم "قصة خيالية" التي لعب دور بطولة جون ترافيلتا وصامويل جاكسون، وبروس ويليس، الفيلم كان من تأليفه بجانب روجير إفري، وترشح الفيلم لجائزة الأوسكار، ثم عاد عام 1997م بفيلم "جاكي براون"، وقدم من خلاله نظرية إخراجية جديدة من خلال، تنوع أبطال الفيلم، وربط المشاهد ببعضها البعض بشكل فني رائع رغم كثرة الممثلين المشاهير المشاركين في الفيلم من أمثال روبرت دي نيرو، وصامويل جاكسون، إلا أنه غرد خارج السرب بمشاهد جميلة.

بعدها توقف وعاد في عام 2003م بفيلمه القوي "اقتل بيل" الذي أخرج جميع طاقاته الإخراجية، وقدم كذلك نظرية جديدة في أسلوب إخراجه وخاصة في أسلوب القتال في المشهد الأخير، الذي أظهر مدى براعة تارانتينو في تنسيق اللقطات المكتظة بالكركتيرات، كما أن أسلوب سرد القصة التي ألفها كان جميلا وسلسا، وكذلك مزج الرسوم المتحركة من خلال بعض مشاهد الفيلم لكسر رتم الفيلم. وبسبب طول الفيلم فصل إلى جزءين وتم عرضه عام 2004 ما جعل محبيه يستمتعون بأروع أفلام "الأكشن" في تاريخ السينما.

ثم توقف بعدها وعاد عام 2007م بفيلمه "دليل الموت" الذي قدم من خلال إبداعه الإخراجي في أسلوب إخراج حوادث السيارة بالطريقة البطيئة، مما جعل يضاف إلى تاريخه بصمة إبداعية جديدة سجلت باسمه.

المخرج الآخر هو روبرت ريدريجوز الذي يعد تلميذ تارانتينو، ريدريجوز المولود في 20 حزيران (يونيو) 1968م، في مدينة سان انتونيو في ولاية تكساس، كانت بدايته عام 1991م في فيلم قصير يسمى "بيدهاد" بعدها في عام 1992م بدء في إخراج أفلامه الطويلة، وكانت البداية مع فيلمه المكسيكي "مارياشي"، وكانت بداية جيدة بنسبة لمخرج مبتدئ، وفي عام 1995م أخرج فيلم الأكشن "ديسبرادو" وكان من بطولة الممثل أنتوني بيندارس، في هذا الفيلم ظهرت فلفسة ريدريجوز الخجولة في الإخراج، وخاصة في أساليب مشاهد القتال التي تعلمها من تارانتينو، وأتم نجاحه في فيلمه الرائع "من الغروب حتى الفجر" الذي لعب بطولته الممثل جورج كلوني، هذا الفيلم وضح ريدريجوز منهجه الذي يرد انتهاجه في عالم السينما، وكان هذا بفضل السيناريو المكتوب على يد معلمة كوينتين تارانتينو.

بعدها توقف ريدريجوز عن أسلوبه المحبب في عدة أفلام، ولكنه عاد به وبقوة في فيلمه الشهير "المدينة القذرة" في 2005م، هذا فيلم أظهر مدى براعة ريدريجوز في حبه للفلسفة الإخرجية التي فعلها في فيلمه، وكان تعاونه في الإخراج مع فرانك ميلر، جلب نتيجة لإثنين صنعوا إبداعاً سينمائيا في ذلك العام، بفضل استخدام تقنية الجرافيك، وأسلوب المزج بين رسومات التقنيات الحديثه في الفيلم، وكذلك لعب أدوار البطولة لعددا كبير من نجوم هوليوود من أمثال بروس ويليس، كليف أوين، جوش هارتنت، جيسكا البا، وغيرهم، وكذلك جمالية القصة وأسلوب توزيعها على الأبطال المشاركين، بشكل عادل، وجو إخراجي الذي أضفاه مخرج الشرف كوينتين تارانتينو، وبعد نجاح الفيلم قرر ريدريجوز إخراج جزءين آخرين سيتم عرضهما في عام 2009م، وسينضم الممثل جوني ديب إلى أبطال الفيلم.

ولاننسى فيلمه "بلانت تيرور" في عام 2007، في هذا العمل أخرج روبرت فلسفة من نوع آخر، ومرضا جديدا يجول أمريكا، كما ابتكر شخصية الفتاة ذات القدم المسلحة التي قامت بدورها الممثلة روز ميجوان.

روبرت ريدريجوز وكوينتين تارانتينو قدما إبداعات تكسر أسلوب السينما العالمية المتعارف عليها، كما أن أفلامهما تتميز بالحديث عن العصابات الإجرامية والقتل، كما أنهما يرفضان في كل فيلم يخرجاه عدم الخروج بأسلوب جديد وحركة إبداعيه يبدأ الجميع بالحديث عنها، وخاصة المخرج كوينتين تارانتينو، الذي اشرف على الكثير من أفلام روبرت ريدريجوز، ريدريجوز وتارانتينو جذبا من خلال أفلامهما شريحة كبيرة من فئة الشباب الذين أخذوا منهما مخرجيهم المفضلين، ويعدان هاذان المخرجان منظران لنظريات جديدة في الإخراج السينمائي، بفضل فلسفتهما الرائعة في الإخراج.

المصدر : نقلا من المجله الاقتصاديه العدد 5275