الأحد، 11 نوفمبر 2012

الفلسفة والسينما


 السينما كحقل إبداعي تخيلي تهم الفيلسوف على أكثر من صعيد، إذ تملك القدرة على حمل الإنسان على التفكير والاندهاش وتهبه، بفضل خلقها وابتكارها صورا جديدة للحياة، فرصة تجديد فهمه لذاته وللعالم من حوله. أو ليس التفكير، كما يعلمنا دولوز، هو "اكتشاف وابتكار إمكانات جديدة للحياة"؟

إن المتأمل في علاقة الفلسفة بالسينما لا بد أن تنتصب أمامه أسئلة على درجة كبيرة من الأهمية يمكن بسطها كما يلي:

ماذا يمكن أن تقدم الفلسفة للسينما؟ وماذا يمكن أن تقدم السينما للفلسفة؟ بل وقبل هذا وبعده، كيف يستقيم الجمع بين الفلسفة التي تقدم عادة كخطاب نخبوي غارق في التجريد، وبين السينما كحقل إبداعي جماهيري تندغم فيه الصورة ويمتزج فيه الفكر بالخيال على نحو فريد؟

هناك أكثر من طريقة واحدة لمقاربة هذه ا؟ لإشكاليات: فقد يبدو مغريا، مثلا، معرفة الكيفية التي تعامل بها كل من برغسون وجيل دولوز مع السينما، الأول من خلال كتابه الشهير التطور الخلاق، حيث وظف فيه مفاهيم الديمومة، الحركة، الشعور.. في قراءة الصورة السينمائية، والثاني من خلال كتابيه: "الصورة، الحركة" و"الصورة-الزمان" حيث استثمر فيهما دولوز جملة من المفاهيم الفلسفية و"الآليات المنطقية لتحليل الخطاب السينمائي لدى أشهر المخرجين العالميين أمثال: ازنشتاين، هتشكوك، فلليني، برتولوتشي، غودار، دوسيكا…إلخ.

بيد أن غنى هذه المواضيع وتشعبها من جهة، وضيق الحيز المخصص لهذه الورقة من جهة أخرى، يحولان دون تفصيل القول فيها، إذ أن الأمر يحتاج إلى بحث مطول يتغيا إلقاء الضوء على نوع الحوار الذي يمكن أن يقيمه الفيلسوف بين الصورة والمفهوم حتى يتسنى له الابتعاد بالفلسفة من تهمة التجريد الخالص التي تتربص بها. ولهذا سنعمل في البداية على إبطال دعوى أن الفلسفة تفكير نظري خالص يسبح في سماء المعقولات، ثم سنتجه إلى مساءلة لغة السينما في علاقتها بالصورة والكتابة والواقع، لنخلص إلى أنه إذا كانت مهمة الفلسفة هي أصلا وضع المفاهيم والتفكير بواسطتها، فإن السينما بدورها "تفكير" يتوسل بالصور، والصوت أيضا، والخيال.. للتعبير عن المضامين الفكرية والأشكال الجمالية.

1 – هل الفلسفة نظر عقلي خالص؟

لقد دأب البعض على فك الارتباط بين الفلسفة والسينما والنظر إليهما وكأنهما قارتان معرفيتان منفصلتان، حجتهم في ذلك أن الفلسفة نمط من المعرفة يعلو على كل الأغراض، ما دامت تقوم على خلق المفاهيم المجردة، قاصدين بالتجريد مفارقة المحسوس والتعالي عليه.

ولتكذيب هذه الدعوى لا نحتاج إلى التنقير بعيدا، بل يكفي أن ننظر في معنى التجريد الذي لا يعدو كونه "انتزاعا الصور المعقولة من الموضوعات المنظور فيها (الأشياء، الأفراد..) وإنشاء المعاني الكلية التي تشترك فيها هذه الموضوعات، وقد بين أحد الدارسين كيف أن الفلسفة تنهل من المحسوس بل وتتوزع مذاهبها أحيانا بحسب دوائر حسية مخصوصة، وفيما يلي بيان ذلك من أمثلة مرتبطة بالبصر واللمس:

أ – الإدراك البصري: من المفاهيم المأخوذة من دائرة حاسة البصر نذكر المفهوم اليوناني theôria  من theôren بمعنى "رأى بالعين"، وأيضا المفاهيم الفرنسية ذات الأصل اللاتيني: contemplation من contemplare بمعنى تأمل، وspeculation من speculare بمعنى "نظر"، وintuition من intueri بمعنى "رأى".

ب – الإدراك اللمسي: من المفاهيم المأخوذة من دائرة اللمس، نورد الاسم الذي يطلق على المفهوم الألماني وهو Das Begriff من Begrifein بمعنى "أمسك"، وكذلك المفاهيم الفرنسية ذات الأصل اللاتيني compréhension من conpréhendère بمعنى "أمسك".

أما فيما يخص توزع المذاهب الفلسفية تبعا للحواس، فحسبنا أن نشير إلى التقسيم الطريف الذي وضعه فيورباخ، حينما اعتبر "اللمس والشم والذوق أدوات حسية تنتمي إلى التيار المادي، بينما خص التيار المثالي بالإبصار والسمع، العين والأذن يمثلان الرأس في حين تقوم بقية الحواس بتمثيل البطن. كذلك تجدر الإشارة إلى المقاربة العميقة والمرحة التي قام بها د.عبد السلام بنعبد العالي في كتابه ثقافة الأذن وثقافة العين، عندما ربط العين بالرؤية والتفكير، بل العقل، وقرن الأذن بالنقل والحفظ والذاكرة أي أن العين ترتبط بالنظر والتأويل والنقد والتحرر من الأحكام المسبقة، بينما تكون ثقافة الأذن ثقافة السمع والمحافظة والوثوقية والتقليد.

والآن بعد بياننا الصلة الوثيقة التي تربط المفهوم بالمحسوس، ومن ثم الفلسفة بالواقع، نكون قد أبطلنا دعوى "الفلسفة كنظر عقلي خالص" وأثبتنا مشروعية الحديث عن الفلسفة في علاقتها الجدلية بالسينما. لنمض إذن إلى بسط هذه العلاقة الممكنة من خلال الحديث عن السينما كفضاء إبداعي متميز.

2 – السينما كتابة بالصور وأفق للتفكير الفلسفي:

يسود الاعتقاد لدى الكثيرين بأن السينما فن تسلية وترويح عن النفس، وأنه لا ينبغي أن نأخذها مأخذ الجد، وبالأحرى أن نعتبرها مصدرا من المصادر الباعثة على التفكير وممارسة التفلسف. يقوم هذا التصور على تمجيد للنص المكتوب وشبه احتقار للصورة المرئية "فالمكتوب يتسم بطابع نقدي بينما الصورة نرجسية. الأول موقظ في حين أن الثانية سبب من أسباب الغفلة وتراخي الانتباه". والحال أن الصورة السينمائية لا تقل أهمية عن الكتاب، إذ تستطيع هي الأخرى، شحذ الذهن وحثه على التفكير. إن الفكر لا ينبجس من تلقاء ذاته، بل يحتاج إلى شيء يحمله على أن يبسط أجنحته، وهذا الشيء قد يكون عبارة عن تلاق أساسي، ربما كان اللقاء بسقراط أو بسمفونية أو لوحة تشكيلية أو بفلم..إلخ. "يعرف الإنسان، كما يقول هيدغر، كيف يفكر متى كانت لديه الإمكانية، غير أن هذا الإمكان لا يضمن بعد أننا قادرون على ممارسة التفكير". ويرى دولوز من جهته، "أن السينما تمنحنا القدرة على التفكير، إذ تقوم بإحداث نوع من الصدمة على مستوى الفكر، فتنقل إلى الجهاز العصبي ذبذبات خاصة(…) فكأنها تقول، معي أنا الصورة-الحركة (image-mouvement)، لن تستطيعوا أبدا الإفلات من هذه الصدمة (choc) التي توقظ المفكر النائم بداخلكم"[6]. فالصورة-الحركة تجبرنا على التفكير وتدفعنا إليه دفعا. بالطبع نحن لا نتحدث هنا عن السينما التجارية التي تقوم في معظم الأحيان على العنف والجنس…إلخ، ولا عن السينما التجريبية التي تعرض أفكارا مضطربة مشوشة بأساليب فجة ومبتذلة، بل إننا نقصد ذلك النوع من السينما الذي يوفر إمكانية التفكير بطريقة مغايرة في ذواتنا وفي العالم من خلال خلق صور مبتكرة للحياة في تقاطعها مع الخيال، في إطار كتابة ترفع المخرج إلى مستوى المؤلف. لكن هل يجوز لنا الحديث عن الكتابة في السينما؟ وهل يرقى المخرج برؤيته وأساليبه إلى مستوى المؤلف؟

تختلف الكتابة السينمائية عن الرواية والشعر، إذ أن لها منطقا خاصا. فإذا كانت الفلسفة مثلا تتحدد ماهيتها من خلال "وضع المفاهيم" فإن السينما تنبسط، كما يقول كوكتو، "ككتابة بالصور". لكن ما المقصود بالصورة؟ وبأي معنى تحضر في السينما؟

لا يتسع هذا الموضع للحديث عن المكانة التي حظيت بها الصورة في تاريخ الفلسفة، بل حسبنا أن نشير بشكل خاطف للمجهود التنظيري الذي قام به هوسرل في سبيل إعطاء الصورة الوضع الذي تستحقه. لقد وجه هذا الفيلسوف انتقادات عنيفة لبعض التصورات الفلسفية المتداولة في عصره، وعلى رأسها التصور الديكارتي الذي كان يقضي بشيئية الصورة أي أنه كان يعتبرها شيئا جسمانيا يتولد عن الآثار التي تحدثها الأجسام الموجودة في عالم الأعيان، والتي تنقلها الحواس إلى عالم الأذهان. المادة والوعي، ضمن هذا التصور، يقصي بعضهما بعضا. والصورة مجرد موضوع، مثلها في ذلك مثل الموضوعات الخارجية. ضد هذا التصور، عمل هوسرل على تقديم نظرية جديدة تروم فحص ماهية "الصورة استنادا إلى مبدأ القصدية الذي تعبر عنه العبارة الهوسرلية الشهيرة: "كل وعي هو وعي بشيء ما". فالقصدية، بحسب هذا التصور، هي البنية الجوهرية المحددة لكل وعي، فهناك الوعي من جهة، ثم الموضوع الذي ينصب عليه هذا الوعي من جهة ثانية، والذي لا يمكن أن يوجد إلا خارجه. لقد "أفرغت القصدية الوعي، وجعلته دون محتوى، فبفضلها صفا الوعي وأصبح واضحا كريح شديدة، أصبح لا يشوبه شيء إلا حركته ليخرج من ذاته. ليس فيه شيء إلا ذبيبه خارج ذاته. وإذا حدث ما لا يمكن حدوثه ودخلتهم في وعي ما، يأخذكم الدوار ويقذف بكم إلى خارج، قرب الشجرة، وسط الغبار، لأن الوعي لا داخل له(…) وإذا حاول الوعي أن يعود إلى ذاته ويتحد معها وينغلق على نفسه انعدم".

يتعلق الأمر، كما هو واضح، بعلاقة قصدية تربط وعيا ما بشيء ما. وتبعا لذلك، ستغدو الصورة صورة لشيء ما. وعلى الجملة نقول إنه بتسليطه الضوء على البنية القصدية للصورة يكون قد نقلها من مستوى الوعي الساكن إلى مستوى الوعي التركيبي في علاقة بموضوع ترنسندنتالي، كما يكون قد نفى عنها طابع التشيؤ الذي ما فتئ ديكارت يفرغ الجهد من أجل تثبيته. يقول سارتر مؤكدا نفس المعنى: "الصورة نمط من الوعي، إنها فعل وليست "شيئا".

وبالعودة إلى السينما نؤكد أن الصورة تشكل الأداة الأساسية المعتمدة داخل الفيلم، حيث "تشكل المادة الفيلمية الأولية، ولكنها الأكثر تعقيدا أيضا، لأن تكوينها يتميز، بالفعل، بازدواج عميق: فهي نتاج نشاط أوتوماتيكي لآلة تقنية قادرة على إعادة إنتاج الواقع الذي يتقدم إليها بدقة وموضوعية. غير أنها في نفس الآن، نشاط موجه في الاتجاه المحدد والمرغوب فيه من طرف المخرج"[8]. ومن غير الخفي أن دولوز قام بتقسيم الصور السينمائية إلى ثلاث لقطات محددة. [1] الصورة-الإدراك الحسي (image perception) وتقابلها اللقطة العامة (plan général)، [2] الصورة-الإدراك الوجداني (image-affection) وتقابلها اللقطة المكبرة (gros plan)، [3] الصورة-الفعل (image action) وتقابلها اللقطة المتوسطة (plan moyen). غير أنه لا ينبغي أن يفوتنا التذكير بأن اللغة السينمائية لا تتشكل فقط من الصور، بل يدخل في ركابها الفن التشكيلي، الموسيقى، المناظر، والعدسات المختلفة، والحوار والحركة..إلخ. إن الفيلم شبكة مبنية للعديد من القوانين: منها ما هو خاص بالسينما، أي ما يستعمل في السينما فقط؛ وما يستعمل فيها وفي غيرها، أي ما هو غير خاص بالسينما. وقد عمل فانوي على إحصاء هذه القوانين وإبرازها على النحو التالي:

أ – القوانين الخالصة: حركات الكاميرا السائرة (travelling)، الماسحة (panoramique)، استعمالات خارج الحقل الصوتي، التناظر الحقلي، تنويع اللقطات (متوسطة، أمريكية، مكبرة..) الخدع السينمائية، التركيب (الصور، الضجيج) العلامات (التبطيء، السرعة)، أدوات الربط (الوصل، الفصل كالربط بالسواد)..إلخ.

ب – القوانين غير الخالصة: وتدخل في زمرتها مجموعة من المكونات المأخوذة من حقول أخرى كالموسيقى، الحوار، التشكيل، الملابس..إلخ.

استنادا إلى ذلك نقول إن السينما لغة صور لها مفرداتها وبديعها وبيانها وقواعد نحوها، وأنه متى اشتط السينمائي، كما يخبرنا صلاح أبو سيف، في استعمال اللغة السينمائية بعيدا عن الهدف الأصلي، أصبح لا يختلف عن الذي يربط الكلمات ربط منغما دون أن يكون لها معنى، كأنها تمتمات معتوه يخرف بألفاظ ليس لها معنى وليست من اللغة في شيء.

يتعين علينا الآن بعد أن بينا كيف أن للسينما لغة خاصة، أن نوضح بأي معنى يمكن الحديث المؤلف في السينما. لا يختلف إثنان على أن العمل السينمائي يكون ثمرة لتضافر جهود فريق من التقنيين قد يجاوز عدد أفراده المائة في كثير من الأحيان، غير أن هناك إجماعا على أن المخرج هو الذي يتحمل مسؤولية العمل في نهاية المطاف، لأن عليه يقع عبء توجيه وتأطير الفريق الذي يشتغل معه، وهو الذي يحدد الرؤية الفنية للفيلم ويبصمها ببصمته الخاصة. وقد شهدت فرنسا، في الستينات من القرن المنصرم، نقاشات محتدمة حول المخرج ومكانته، حيث أفرزت ظاهرة "سينما المؤلف" التي يعتبر غودار وتروفو وروهمر أبرز روادها. فالفيلم بالنسبة لهؤلاء جميعا تعبير عن عالم ذهني استطاع المخرج-المؤلف نسجه بعناية فائقة. بل إن غودار يذهب إلى حد القول بأن المخرج يمكنه إبداعه من الرقي إلى مرتبة الفيلسوف حيث يعمل على خلق رؤى وتصورات جديدة يكتبها بواسطة الكاميرا! فالسينما عنده ليست فرجة بل كتابة تنهل من الرواية الجديدة تقنياتها في السرد والتخييل، ومن الفلسفة قدرتها على توليد الأسئلة وخلخلة الأفكار الجاهزة. كما اشتهر بتوظيفه، إلى جانب الصور، حوارات مكتوبة بطريقة غير مألوفة في الحياة اليومية، وقريبة جدا مما هو متداول في الحقل الروائي.

لقد عمل غودار، وزملاؤه في تيار الموجة الجديدة، على التقريب بين الأدب والفلسفة والسينما، كما ناهضوا بقوة فكرة "موت المؤلف" التي انتشرت في الأوساط الثقافية الفرنسية على الخصوص بفضل كتابات رولان بارت وبعض أنصار المنهج البنيوي. إن المؤلف بحسب غودار حي يرزق ويبدع مثله في ذلك مثل باقي المبدعين  في المجالات الأخرى. ولعل أكبر شاهد على ذلك هو تاريخ السينما الذي يحفل بأعمال ذات قيمة فكرية وفنية عالية المستوى غيرت نظرة الإنسان لذاته وبدلت علاقته مع العالم والآخرين.

3 – الصورة والواقع:

كان يحلو لبارت عند حديثه عن الصورة وما تثيره من قضايا، أن يذكر بدلالتها الاشتقاقية القديمة، حيث ترجع كلمة image إلى الأصل اللاتيني imitari الذي يعني المحاكاة. يسمح هذا الربط بطرح جملة من الأسئلة نصوغها على النحو التالي: ما نوع العلاقة التي تربط الصورة السينمائية بالواقع؟ هل تكمن وظيفتها في جعله ينعكس على مرآتها أم أنها تعمل على إبداعه وإعادة تشكيله؟

إن المتأمل في علاقة السينما بالواقع لا يلبث أن يتبين أن هناك أسلوبين لمقاربتها: الأول يؤمن أن بوسع الصورة أن تعكس الواقع وأن تطبق صورة طبق الأصل له؛ والثاني يضع الواقع موضع إشكال. وبالمثل هناك منهجان لمقاربة السينما في علاقتها بالحقيقة: أولهما يدعي أن ما تلتقطه عين الكاميرا هو الحقيقة العارية من كل الشوائب، في حين أن الثاني يقوم باستشكال الحقيقة ومساءلتها.

من المعروف أن السينما في بدايتها كانت تتوسل بالصور لتقديم أفلام تسجيلية تروم تعقب الواقع في أدق تفاصيله. إذ كان الهاجس الأكبر لدى السينمائيين هو استنساخ الواقع وترك وثائق بصرية تضطلع بعرض حقيقته في "صفائها ونقائها". بيد أن هذه الأعمال كانت غارقة في وهم كبير، لأن كل فيلم وثائقي إلا ويحمل معه نصيبه من الكذب (docu-ment) مهما حرص صانعه على الدقة والأمانة. فالكاميرا، إذ تصور الواقع لا تعكسه كما هو، بل تجتزئه وتعمل على تقطيعه، ثم تعيد توليفه وفق رؤية المشرف على العمل. هذا فضلا عن أن هذه الصور الوثائقية يمكن التحكم فيها وتغيير معناها عن طريق المونطاج أو استعمال تعليقات جديدة.

ومع ظهور التلفزيون وقع تحول نوعي في الإنتاج السينمائي، حيث استطاع تحرير السينما من واجب إنجاز أفلام وثائقية، تماما مثلما حررت الصورة الفوتوغرافية أهل الرسم من سلك طريق المحاكاة الذي كان يقتصر على إعادة إنتاج ما هو موجود في الواقع. وبهذا انتقل الفيلم من مجرد أداة للتسجيل إلى أداة للتعبير الفني تتشكل لحمتها الأساسية من الخيال الذي يصور لنا عوالم وهمية تبعث الحماس في النفس وتصحبها إلى مملكة الجمال. بالطبع يظل الواقع مصدر إلهام دائم للمبدع، إذ منه يقتات وبه ينتعش خياله التواق إلى السفر بعيدا عن عالمنا المرئي. ولعل هذا هو المعنى الذي رمى إليه الشاعر ريلك عندما كتب في قصيدته "نحل اللامرئي". "إننا نلحس باستمرار عسل المرئي لنجمعه ونضعه في الخلية الذهبية للامرئي".

على أن هذه الحقيقة على جلالها انحجبت عن بعض المدارس السينمائية، ونخص منها بالذكر هنا "تيار الواقعية الجديدة" في إيطاليا. وقد عرف هذا التيار بحرصه على الالتصاق بالواقع والإنصات إلى نبضه بعيدا عن الطرق المعتمدة في الرواية أو المسرح أو السينما التي تعتمد على اقتباس بعض طرائقهما. ويعد زفاتيني Zavattini من أهم المنظرين الذين أكدوا على أن الحرب والمقاومة في إيطاليا هي التي كشفت للسينمائيين أهمية الواقع وخصوبته. فهو يقول بأن "للسينما القدرة على الاتصال بالواقع في ديمومته وحيويته"، لهذا كان يدعو في كثير من أعماله إلى ضرورة ردم الهوة بين الفن والواقع والتخلي التام عن الأشكال السردية والآليات التخييلية المعمول بها في الأدب، لأن من شأنها أن تنأى بنا عن الواقع وتبتعد عن "الحقيقة" المنشودة. ومن أهم الأعمال التي تنتمي إلى هذا التيار نذكر على سبيل المثال لا الحصر: Rome ville ouverte (1945)، le voleur de bicyclette (1944)، la terre tremble (1948).. وقد لجأت كلها إلى مفاهيم وتقنيات خاصة قطعت مع الكتابة الروائية بكل أصنافها. وقد تعرض هذا التيار لانتقادات عديدة لعل أقلها عنفا تلك التي صدرت عن كياريني (Chiarini)، الذي كان يميز بين الفرجة السينمائية والفيلم: تحيل الأولى على واقع مركب يهيمن عليه البحث عن المتعة التي يحققها الإخراج والعمل السينوغرافي من خلال الحرص على إبراز جمالية الصورة وتقنيات الحكي عبر توظيف المتخيل: أما الثاني فإنه يختار طريق الفيلم الخالص، وذلك بالاستغناء عن النموذج التقليدي في الحكي والإخراج، والاجتهاد في إقامة علاقة مباشرة مع الواقع. بيد أن العلاقة مع الواقع، حسب كيارني دائما، لا تعني خلودا إلى السلبية والفتور، بل عملا مضنيا يتوخى صياغة الوقائع الأصلية بطريقة خلاقة، وهذا ما يشكل في رأيه خصوصية السينما. بينما حث أرسطارسيو Aristarcio على ضرورة تجاوز الفيلم الوثائقي الذي يكتفي بملاحظة الواقع من الخارج عن طريق وضع الكاميرا أمامه كما لو كان الأمر يتعلق بمرآة عاكسة. ويقترح هذا الناقد، وهو قريب جدا من الواقعية التي اشتهر بالمنافحة عنها الشيوعيون أمثال لويس أراغون، ضرورة إنشاء سينما نقدية ملتزمة بقضايا الشعب وفاضحة لممارسات حاكميه. إلا أن أعنف انتقاد تعرضت له "الواقعية الجديدة" وكل التيارات القريبة منها، هو ذلك الذي صدر عن الموجة الجديدة بفرنسا، وهي تتشكل كما بينا ذلك من قبل، من فنانين، بعضهم ينحدر من الحقل الروائي (مرغريت دوراس، ألان غريي..) والآخرون جاؤوا إليها من النقد السينمائي (تروفو، غودار، روهم..). ولا حاجة بنا إلى التذكير بأهم خصائص الرؤية الفنية لهذه المدرسة، فقد سبقت الإشارة إلى ذلك، بل يكفي أن نقول بأنها كانت تسخر من الاتجاهات التي تزعم أن بمقدورها تصوير الواقع كما هو، ورصده في مختلف جزئياته وتلوناته. وكانت تدعو، وما زالت مع غودار على الخصوص، إلى الوصل بين الأدب والفلسفة من جهة والسينما من جهة ثانية، وهذا لعمري ما نجحت في تحقيقه إلى حد بعيد من خلال العديد من أفلامها.

قبل الختام:

والآن وبعد أن أبطلنا دعوى مفارقة الخطاب الفلسفي للملموس، وبعد تطوافنا في رحاب السينما من خلال استشكالنا لعلاقة الصورة السينمائية بالواقع، ولعلاقة المخرج بمؤلفه (الفيلم) الذي هو ثمرة كتابة سينمائية لا تخلو في الغالب من عمق، نخلص إلى أن السينما كحقل إبداعي تخيلي تهم الفيلسوف على أكثر من صعيد، إذ تملك القدرة على حمل الإنسان على التفكير والاندهاش وتهبه، بفضل خلقها وابتكارها صورا جديدة للحياة، فرصة تجديد فهمه لذاته وللعالم من حوله. أو ليس التفكير، كما يعلمنا دولوز، هو "اكتشاف وابتكار إمكانات جديدة للحياة"؟


بقلم الكاتب : حسن العمراني

الأحد، 19 أغسطس 2012

Chungking Express - 1994



سيناريو واخراج : Kar Wai Wong

عن الإنسان البسيط في المدينة، الذي لازال يبحث عن الحب الأبدي في مدينة فضفاضة، كل شيء فيها معلب و مرهون بتاريخ إنتهاء، الشرطي كاي وو رقم 223 عاجز عن تخطي أمر انفصال صديقته التي يحبها كثيرًا عنه، لا زال ينتظرها غير قادر على تجاوز الأمر، حتى يقتنع بعد حين أن ّ صديقته مي لم تكن تجده مختلفًا عن علبة أناناس انتهى تاريخ صلاحيتها، فيحاول بأقصى ما بوسعه النسيان، يحاول الركض و التخلص من الماء الزائد في الجسم حتى لا يظل هنالك حصة منه للدموع، الشرطي كاي وو يركض يركض كيلا تسحقه حركة المدينة الدائمة في غمرة أحزانه و تجاوزه البطيء لها التي يرفض حتى كلبه الذي يفترض به أن يكون مخلصًا مشاركته إيّاها، فيبحث عن امرأة جديدة، حب ٌ سريع يلائم المدينة، فيقرر الوقوع في حب أول امرأة تدخل البار.




في المدينة حيث الأشياء تتوفر بشكل ٍ أكبر، حيث الفرص و الإحتمالات و الإختيارات الكثيرة، كان الشرطي رقم 663 معتادًا على شراء الـ Chef Salad لصديقته، حتى نصحه صاحب مطعم الوجبات السريعة بتجربة شيء آخر، فيقول له الشرطي: ربما لا يعجبها، يرد عليه صاحب المطعم: خُذ لها الإثنين و دعها تختار فمن الجيّد دائمًا أن تملك الإختيار، يأتي الشرطي في الليلة التالية و يطلب السمك و البطاطس، يقول له صاحب المطعم: أرأيت! قلت لك سيعجبها، دعها تجرّب الليلة البيتزا، يقول الشرطي لست ُ متأكدًا من كونه سيعجبها، فينصحه صاحب المطعم بذات الخدعة شراء شيئين مختلفين، يأتي الشرطي في الليلة التالية و يقترح عليه صاحب المطعم بسرعة تجربة شيء مختلف أيضًا، فيرد الشرطي: أريد كوبًا من القهوة فقط. يسأله صاحب المطعم عن صديقته ألا تريد شيء الليلة، يخبره الشرطي: تركتني. لأنّها تريد تجربة شيء آخر، أعتقد أن ّ لديّها حق، فهناك الكثير من الخيارات بالنسبة للرجال كما هو الحال مع الطعام!
 

هكذا يتخلّى أهل المدينة عن الحب بسهولة تحت إغراء الخيارات المتعددة، بينما ينصح صاحب المطعم الشرطي بالتوقف عن شرب القهوة خوفًا على صحته، و يقول له: عليك أنت أيضًا أن تجرب خيارات أخرى، فيقول الشرطي: الأمر ليس بتلك السهولة. ها هو الإنسان البسيط، من الصعب عليه التعامل مع الأمر كما يفعل من تمكنت منهم حركة المدينة السريعة، الإنسان البسيط لازال مسكونًا بالإحتمالات، من الصعب عليه حتى التخلص من عادات الطفولة، فالشرطي 663 لازال يحادث أصدقاءه الدُمى، و منشفته و حتى صابونته، و ينصحهم بالتحلي بالشجاعة و الصبر، فهم مثله حزانى، و كل شيء في بيته حزين، و يحتاج للتهويد حتى ينام.

في Chungking Express ستجد الرومانسيّة في شكلها الأولي، الشاعرية العفويّة التي تملأ الحوار، الحب النقي الذي لازال أصحابه غير قادرين على البوح به بسهولة، مثلما تفعل فايا التي تقع في حب الشرطي 663 و عوضًا عن إخباره تقوم بترتيب و تنظيف و تحسين شقته سرًا، تبحث بالعدسة المُكبرة عن شعر امرأة على سريره و تغار سرًا، أو مثلما يفعل الشرطي 223 الذي يدفعه الحب لشراء علب الأناناس التي ينتهي تاريخ صلاحيتها في الأول من شهر May، أو مثلما يفعل الشرطي 663 الذي يخشى على قميصها من البرد، فيقوم بكيّه حتى يشعر بالدفء.

يتأرجح الفيلم بين حديث الصور الصاخب الآسر للعين، و حديث الإنسان البسيط الآسر للإذن، يتناول شخصيّاته الحب ببطء في مدينة سريعة جاعلين منه شيئًا طريفًا رغم آلامه، كما يتميز بخلق شخصيّات متميزة و سيناريو رائع بمثابة رحلة ممتعة في هونغ كونغ، و بإسلوب وونغ كار واي المتميز
.

بقلم العضوه ,Alien من منتدى اقلاع.

الأربعاء، 15 أغسطس 2012

بابل.. تحفة غونزاليس..


قبيل نهاية العام 2001 قام المنتج الفرنسي (ألين بريغاندا) بالاتفاق مع أحد عشر مخرجاً عالمياً من أجل أن يصنع كل واحد منهم فيلماً قصيراً يحكي فيه انطباعه عن هجمات سبتمبر في مدة لا تزيد ولا تنقص عن إحدى عشرة دقيقة وتسع ثوانٍ و(فريم) واحد، فكانت النتيجة باقة متنوعة من الأفلام القصيرة جُمعت تحت عنوان واحد هو ( 11′09”01 - September 11 ).

وضمن هذه الباقة كان هناك فيلمٌ للمخرج المكسيكي المتميز (أليخاندرو غونزاليس) صوّر فيه لحظة انهيار مركز التجارة العالمي بأسلوب جميل وجريء ألغى فيه عامل الصورة واعتمد على شاشة سوداء لا يتغير فيها سوى الصوت فقط، حيث لا نرى إلا السواد ولا نسمع إلا جلبة الناس المرعوبين وضجيج المذيعين والأهم صوت انهيار المبنى نفسه، ثم عند النهاية ينقلب لون الشاشة لتصبح شاشة بيضاء.. ممهورة بعبارة.. تقول: (هل نور الله يهدينا أم يعمينا؟) ترافقها موسيقى مؤثرة وأصوات لأطفال يتلون القرآن الكريم. ومعنى الفيلم يبدو واضحاً ومباشراً لكن الجميل فيه هو القالب الذي احتوى هذا المعنى وقدّمه بأسلوب مختلف وبصبغة حداثية تجريبية تنزع نحو تطبيق المعايير الجمالية بمعناها المطلق، وهنا تحديداً نحن نتحدث عن السبب الذي جعل من المكسيكي (أليخاندرو غونزاليس) أحد أعظم المخرجين المعاصرين.

في السنة الماضية عاد (غونزاليس) بفيلمه الجديد (بابل-Babel) ليواصل ممارسة مشروعه الجريء المتمثل في كسر أساليب السرد التقليدية واستغلال كافة أدوات التعبير من صوت وصورة ولون ليجعلها تقول وتحكي بحرية وطلاقة، مع عناية مدهشة بالناحية الجمالية، وكما رأينا في ذلك الفيلم القصير كيف قام بتحييد عامل الصورة ومنح الصوت مساحة أكبر فهو في (بابل) يصنع ما هو أكثر من ذلك فيجعل حتى من (الصمت) شريكاً في التعبير، ولتكون النتيجة تحفة سينمائية بامتياز حقق من خلالها (غونزاليس) جائزة أفضل مخرج في الدورة الماضية لمهرجان (كان) السينمائي واقتحم ترشيحات الغولدن غلوب في دورتها الأخيرة فاستحق منها جائزة أفضل فيلم.

(أليخاندرو غونزاليس) المكسيكي الذي ولد عام 1963كان قد أعلن عن حضوره السينمائي بقوة ووضوح عام 2000 حين أدهش العالم بفيلم (أموريس بيروس-Amores perros) ثم أكد هذا الحضور عام 2003 بفيلم ( 21غراماً). أما مع (بابل) فهو يتوج هذه المسيرة بفيلم فخم امتزجت فيه القيمة الجمالية بالمعنى الإنساني الجليل.

الفيلم يحكي أربع قصص مختلفة تسير إلى جوار بعضها البعض في مسارات متوازية ومتداخلة تجري في أربعة دول هي المغرب وأمريكا والمكسيك واليابان. وتبدأ الأحداث في الصحراء المغربية مع عائلة فقيرة تعيش في العراء معتمدة على الرعي وتربية الأغنام، يشتري عائلها بندقية صيد كي يقتل بها الثعالب التي تهدد حياة قطيعه، لكن ابنيه الصغيرين يستغلان البندقية ليس لقتل الثعالب كما أوصاهما الأب بل لقتل الإنسان!. وعلى الجانب الآخر من الصحراء نفسها تجري أحداث الحكاية الثانية وأبطالها زوجان أمريكيان قدما إلى المغرب من أجل السياحة وإذا بهما يواجهان محنة عصيبة (يؤدي دورهما النجمين براد بيت وَكيت بلانشيت). أما الحكاية الثالثة فتجري بين أمريكا والمكسيك لعجوز مكسيكية تعمل خادمة في منزل عائلة أمريكية، تقرر الذهاب خلسة إلى المكسيك من أجل حضور زفاف ابنها الوحيد وتأخذ معها طفلي هذه العائلة دون علم والديهما. وفي اليابان تجري أحداث القصة الرابعة وهي لفتاة يابانية جميلة، عاطفتها حارة مشبوبة، وروحها تفيض حباً، لكنها لا تعلم إلى أين توجه هذا الحب، إذ لم تجد من يتجرأ ويقبلها كحبيبة لسبب بسيط هو أنها صماء بكماء تعيش في عزلة خانقة!.

 
هذا هو جوهر القصص الأربع التي سردها (غونزاليس) بأناقة وربط بينها بأسلوب ساحر وخلاب..

ليست هذه المرة الأولى التي يصنع فيها (غونزاليس) فيلماً بهذه الطريقة التي تمزج بين قصص وشخصيات مختلفة، فأسلوب كهذا رأيناه أيضاً في فيلميه السابقين (أموريس بيروس) وَ( 21غراماً)، لكن ما يميز فيلم (بابل) هو ذلك التباين الشديد بين أجواء القصص الأربعة، فإذا كان (غونزاليس) قد دمج في الفيلمين السابقين أكثر من قصة في وقت واحد، فهو قد فعل ذلك مع قصص تبدو متشابهة في أجوائها، وبالتالي فالأسلوب الذي يحكم فيلم ( 21غراماً) مثلاً، أو حتى (أموريس بيروس)، هو واحد منذ بداية الفيلم وحتى النهاية، وبإيقاع ثابت نسبياً، بينما نجد في (بابل) اختلافاً شاسعاً بين أجواء القصص وكذلك في الأسلوب الذي اتخذه (غونزاليس) لتصوير كل حكاية، فنراه يصور الأحداث التي جرت في المغرب بأسلوب واقعي صرف رضخ فيه لمتطلبات بيئة الحدث، أما في القصة التي جرت في اليابان فهو يسرح بحرية فاتنة، متجاوزاً بها الواقع، فيعبث بالصوت والصورة ويشكل الألوان حسب مقتضى الحكاية ليحقق بذلك (جمالية) فائقة تطرب لها عين المُشاهد..

على مستوى الفكرة يبدو الربط بين المسارات الأربعة مستفزاً ومعقداً، إذ ما الذي يجمع بين مُصيبة الراعي المغربي ومعاناة الفتاة اليابانية؟ هل هي البندقية فقط؟!. ليس الأمر بهذه البساطة، فـ(غونزاليس) لم يأتِ بهذه القصص الأربع لمجرد الربط في حد ذاته، بل من أجل أن يحكي فكرة واحدة تشترك فيها جميع القصص.. فما هي هذه الفكرة؟ وما علاقتها باسم الفيلم (بابل)؟!.

الرابط بين القصص الثلاث التي جرت في المغرب والمكسيك وأمريكا يبدو واضحاً نوعاً ما، ويسهل إدراكه، فهذه القصص تتلخص معاناة أبطالها في قضية الـ (أنا والآخر)، نلاحظ هذا في قصة الخادمة المكسيكية العجوز التي تتعرض هي وقريبها الشاب لمشكلة على الحدود الأمريكية بسبب الخوف والتوجس الناشئ عن أفكار ترسبت لدى جنود الجمارك عن (الآخر) المكسيكي، وكذا الأمر في قصة الزوجين الأمريكيين السائحين في الصحراء المغربية، وأيضاً بالنسبة للراعي المغربي الذي وجد نفسه متهماً بالإرهاب بسبب خطأ غير مقصود تسبب به ابناه الصغيران، ليلاحق بضراوة من قبل الجنود المغاربة المشحونين بأفكارهم المسبقة عن هذا الآخر الإرهابي. لكن ماذا عن الفتاة اليابانية التي لم تحتك بـ (آخر) جاء من حضارة مختلفة؟!.

إن الألم الذي تستشعره هذه الفتاة له سببه الواضح، فهي تشعر بفيض من العاطفة، وتبغي الحب مثلها مثل أي فتاة في عمرها، لكنها لا تجد المستجيب الذي يبادلها الحب بحب، ولو تأملنا قليلاً في معاناتها لوجدنا أنها تلخص فكرة الفيلم بامتياز وتؤكد قضية الـ (أنا والآخر). ذلك أن أزمتها ليست فقط مع (الآخر) المختلف، بل هي مع النوع الإنساني كله، مع المختلف وغير المختلف، مع الأجنبي ومع أقربائها سواء بسواء. إنها تعيش في عزلة خانقة فرضت عليها من قبل الطبيعة أولاً، ثم بسبب الأفكار التي يحملها البشر عن أمثالها، وهي وإن تمكنت من التكيف مع إعاقتها الجسدية، إلا أنها لا تستطيع العيش في مناخ ينبذها ويتوجس من وجودها. إن الجميع بالنسبة لها مختلفون، وكذا الأمر بالنسبة لبقية الشخصيات، فالمعاناة في (بابل) مصدرها تلك الأفكار التي تحكم نظرتنا تجاه بعضنا البعض كأفراد ودول ومجتمعات، وحتى عالم السياسة الذي يسحق الإنسان ويطحنه إنما يستمد قوته وبطشه من هذه الأفكار بعينها. إن الجميع هنا ضحايا، الراعي المغربي والخادمة المكسيكية والفتاة اليابانية، إنها معاناة الإنسان وألم الإنسان.. كل الإنسان.. الذي منذ أن انطلق من (بابل) لا يزال يمشي على درب الخيبة والألم!..

بقلم الكاتب \
رجا ساير المطيري

الخميس، 9 أغسطس 2012

The Classic - 2003


سيناريو و اخراج : Jae-young Kwak
بطولة : Ye-jin Son - In-seong Jo

ذا كلاسيك فيلم كوري من تأليف واخراج جاي يونغ كواك وبطولة الثنائي المبدعه يو-جين سون و في-سونغ جو، انتاج 2003\ التنصيف درامي-رومنسي..قبل الحديث عن الفيلم هذه حقيقه حول السينما الكوريه انها افضل من انتجت افلاما رومنسيه بالنسبه لي فبعد تحف رومنسيه مثل ( Failan - A Moment to Remember - My Sassy Girl - 3Iron - Il Mare - Sad Movie ) لم اشاهد بأي سينما اخرى افلامه مؤثره بهذا الشكل..النسيم الرومانسي؟ تلك كليشيه (عبارة مبتذلة) جدّاً أعتقد بأنّني سأنظر إليها ككلاسيكية .. بداية الفيلم جي-هاي تبدأ الحديث مع نفسها "...عندما كنت طفلة أتذكّر رؤية قوس قزح كبير فوق النهر إبتعد في ذلك الوقت أمّي قالت لي القوس قزح باب إلى السماء عندما الناس يموتون يذهبون إلى الجنّة خلال ذلك الباب عندما كنت طفلة أبّي إختفى بعيداً وأمّي سافرت للخارج أردتُ أمّي أن تتزوّج مرة أخرى لكنها لم تريد".. الفيلم يروي قصص حب متوازيه في الماضي والحاضر حول ام وابنتها التي تبدأ بقراءة مذكرات والدتها ويبدأ الجزء الثاني من الفيلم..الفيلم قدم بفصلين الاول الحاضر وهي الابنه والماضي الذكريات لقصة والدتها، بعد قيام جي-هاي بتنظيف المنزل تجد علبة قديمه تحوى رسائل ومذكرات والدتها وتفاصيل قصتها تبدأ جي هاي بقرأة احدى الرسائل ويبدأ الفلاش باك الذي يروي قصة الام جي-هي وتتشابك ذكريات الماضي مع الحاضر مع حياة جي هاي نفسها والتى تقع مع زميل لها سانج الذي يشارك بالمسرح المدرسي.



قصة الام جي-هي بعد زيارتها للريف في الصيف تتعرف على الطالب جون ها الذي تقوم بسؤاله في بداية العلاقه رغبتها بالتعرف على احد الاماكن المسكونه بالجهه المقابله من النهر هنا مشاهد مؤثره رومنسيه مميزه مشاهد ساحره خصوصا اثناء التصوير الليلي ومشاهد الجسر ودمجها مع لحظات النهايه!..حتى وصلت لحظة الفراق بعد غضب والد الام جي-هي وانفصالهم هنا جو-هي قبل رحيلها تهدي جو قلادة فيظل محافظا عليها، بعد ذلك يلتقون مجداا لكن دائما في العلاقه نشاهد دخول اطراف اخرى تعووق هذه العلاقه هنا يدخل بعد ان وعد والدي جي هي والديي تاي سو بابنتهم كزوجه له لكن كون تاي سو صديق جو ولم يكن شرير كما بعض الافلام يتنازل عن هذا الموضوع ويدعم جو مع هذا الحب بعد ان علم والديي تاي سو غضبوا منهم واصبحت حياته معقده لا يريد ان يدخل في علاقه يدمر فيها حب صديقه ولا يريد ان يغضب والديه هنا يحاول الانتحار لكن يقوم بانقاذه جوو مع هذه المحاوله التى حصلت دون جدوى هنا يقرر جو الرحيل من بأي طريقه فيقوم بالانضمام الى الجيش الكوري ويذهب الى الحرب، اثناء هذه الحادثه يذهب الفيلم الى الحاضر ليصور لنا جي هاي ومشهد المطر واحتمائها تحت نفس الشجرة مع سانغ مين وفي مشهد جميل يقوم سانغ مين بحمايتها من المطر بمعطفه حتى يوصلها العلاقه هنا حتى الان غامضه كما بداية العلاقه بالماضي! سيناريو خيآلي، مره اخرى عوده للماضي جون بعد ان شعر بالذنب كما ذكرت بسبب انتحار صديقه تايسو وانضمامه للحرب وذهابه الى فيتنام هنا اذكر مشهد الوداع بالقطار كان مؤثر جدآ، بعد عودته من الحرب كان قد فقد بصره بسبب عودته لاستعداته القلاده!، اللقاء الاخير بين جو وجي هي بالمطعم هنا يحاول ان يخفي العمى الذي اصابه ويبدأ بالحوار بشكل طبيعي ويحاول ان يقنعها بانه قد تزوج ومضي في حياته، فتقول له بعد ان بدأ بالبكاء الا ترى دموعي...بالرغم من قوه العلاقه بينهم الا ان الاستمرار صعب يذهب جو بعد ذلك حاملا معه القلاده فتتزوج جي هاي بالاخير تاي سو صديق جون فانجبت ابنة صغيره وهي الراويه بالفيلم والابنه بالحاضر جي هي، فتتذكر المشهد الاخير حين كانت حاضره مع والدتها امام النهر وحضور اناس يحملون رماد جون الذي وصى ان ينثر رماده بهذا النهر.. وعلمت قبل قبل اعطائها رماد جو ان جو قد تزوج ولديه ابن ايضا انهارت هنا وانتهت المشاهد القديمه، في الحاضر نشاهد جي هاي مع صديقها سانغ مين الذي يكشف مشاعره لجي هاي وشرحه لمشهد المظله في المحل ولحاقه بها وحمايتها من المطر بمعطفه، اثنائ جلوسهم على نفس النهر القديم تروي له المقطع الاخير لقصة والدتها فيقوم سانغ مين برفع القلادة.. الابنه مع الابن تفرقوا بالماضي واجتمعوا بابنائهم النهايه "..ما زلت أتذكّره بشكل واضح قوس قزح رأيته ذلك اليوم إلى أن أنهيت حكاية هذه القصّة".
المخرج جاي يونغ كواك نجح بصنع فيلم رومنسي يحمل قصتين بشكل متوازي وخاتمه جمعتهم بشكل "اسطوري" لم يكن احد يتوقع خاتمه كهذه حقيقه، اختياره للممثله يو-جين سون كان ممتاز جدآ من اكثر الممثلات التي تؤثر على المشاهد خصوصا لمن شاهد لحظه للذكرى 2004، وبقية الممثلين ايضا، المخرج جاي بعد نجاح فيلمه My Sassy Girl يعود بعد عام ليقدم تحفه اخرى افضل ايضا، ويكمل نجاحه في المجال الرومنسي ايضا بعد هذا الفيلم بتقديمه Windstruck و Cyborg Girl.. تقديمه لفيلم كلاسيك واظافته للعديد مثل الانقسام بالاجيال والاتفاق على شيئ واحد ان الحب لايتغير، التحول بسرعه الى مليودراما مسيله للدموع ثم نقله الى مشاهد حربيه في فيتنام وتخلل بعض مشاهد الفيلم لقطات كوميديه، الموسيقي بالفيلم باختصار من افضل الالحان التى سمعتها توظيفها باغلب اللقطات خصوصا في مشاهد مميز مثل مشهد المستشفى او مغادرة القطار او المشاهد الاخيره مثل اللقاء بالمطعم واخيرا عند اكتشاف الام وفاة جو على النهر.. المشاهد كانت مميزه ومؤثره والموسيقى اظافت الكثيييير.

The Girl with the Dragon Tattoo - 2011



اخراج : David Fincher
سيناريو : Steven Zaillian
بطولة : Daniel Craig & Rooney Mara

في عام 2010 قدمت السينما لي احد اعظم لافلام التى شاهدتها بحياتي وهو البجعه السوداء من اخراج ارنوفسكي وبطوله نتالي بورتمان هنا، مره اخرى في عام 2011 ايضا اشاهد احد التحف التى اضمها لافلامي المفضله جدآ فتاة وشم التنين من اخراج ديفيد فينشر وبطولة روني مارا.. ولا انسى ان عام 2011 قدم العديد من الافلام الممتازه خصوصا عندما نذكر الافلام المرشحه للاوسكار مثل المساعده (The Help) وهيوجو (Hugo) لسكورسيزي و شجرة الحياه (The Tree of Life) لترانس ميلك واخيرا الفائز بالاوسكار الفنان (The Artist) العام الذي شهد عوده ترانس ميلك بعد انقطاع طويل عن الاخراج و غاري اولدمان ينصف اخيرا بترشيح اوسكاري عن دوره بـTinker Tailor Soldier Spy، بالنظر للافلام المرشحه حقيقه كان هناك افلام افضل من الخمس الاخرى المرشحه كانت تستحق الترشيح، وقبل الحديث عن الفيلم هذه افضل 5 افلام بالترتيب للعام الماضي برأي ولن اذكر الافلام الكوريه حتى لاتطول القائمه:


1- The Girl with the Dragon Tattoo
2- Shame
3- The Tree of Life
4- A Separation
5- Drive

قبل الحديث عن الفيلم الامريكي لن اذكر الثلاثيه السويديه لانني لم شاهدها حتى الان ولا اتوقع انها ستتفوق على نسخة المبدع ديفيد فينشر، فيلم الفتاة ذات وشم التنين فيلم درامي\جريمه وغموض مقتبس من رواية سويدية بنفس الاسم للكاتب ستيج لارسون، الفيلم من إخراج ديفيد فينشر، سيناريو ستيفين زيلان وبطولة دانيال كريغ في دور (ميكائيل كلومكفيست) الصحفي وروني مارا في دور (ليزبيث سالاندر) التي تلعب الدور الرئيسي بالفيلم، وتدور احداث الفيلم عن صحفي يدعى كلومكفيست ومساعدته الشابة سالاندر في مهمه لاحداث قديمه وهي البحث او معرفة ماحدث لفتاة فقطت لاكثر من 40 عام في ظروف غامضه وغير معروفه حتى هذا الوقت والاحتمالات كلها موجوده!.

قبل الحديث عن الفيلم هذه نبذة مختصره عن الرواية التى اقتبس منها الفيلم "الفتاة ذات وشم التنين أو فتاة لا يحبها الرجال (العنوان الأصلي بالسويديه "الرجال الذين يكرهون النساء") هي رواية للكاتب والصحافي السويدي ستيج لارسون. هذا هو الكتاب الأول في ثلاثيته المعروفة باسم "سلسلة الألفية"، و عند وفاته في نوفمبر 2004، ترك لارسون روايات ثلاثة غير منشورة تشكل ثلاثية. أصبحوا بعد وفاته من أفضل الكتب مبيعاً في العديد من الدول الأوروبية وكذلك في الولايات المتحدة، عندما كان عمره 15 عاما شهد لارسون جريمة اغتصاب جماعي لفتاة ولم يسامح نفسه أبدا لأنه لم يتدخل لإنقاذ الفتاة، التي كان اسمها اليزابيث، مثل البطلة الشابة في كتبه، والتي هي أيضا ضحية اغتصاب، وهي التي ألهمت موضوع العنف الجنسي ضد النساء في كتبه، لمن احب الفيلم بامكانه تحميل الروايه pdf متوفره بعده مواقع.

 
ديفيد فينشر مخرج الروائع بعد اخراجه احد افضل افلام العام الماضي الشبكة الاجتماعيه وترشيحه لاوسكار افضل مخرج يعود مره اخرى ليثبت انه من افضل الى افضل ومن المخرجين القلائل الذين لم يخرجوا فيلما سيئا واحدا منذ بدايته بالاخراج السينمائي في اليين3، بعد اشتراك روني مارا في الشبكة الاجتماعيه بعدة مشاهد واعجاب ديفيد فينشر فيها يقوم باختيارها لاداء البطوله هنا ولم يخب ظنه فقد وجد فيها الكثير من الصفات والمقومات التى ستكون احد اسباب نجاح الفيلم بدايه من الملامح والغموض الذي تحمله هذه الفتاة في عينيها قساوه صنعها فينشر بالتخيلات التي اطلقها قبل ان يختارها وحقيقه فقد قدمت افضل اداء بالعام برأي وتستحق الاوسكار بدلا من ميريل ستريب، وبنظري قدمت ثالث افضل اداء نسائي شاهدته بعد دورين نتالي بورتمان في بلاك سوان وليون.

احداث الفيلم تدور حول فتاة اختفت منذ اربعين عام وهي تنتمي الى اسرة لها سلطه ونفوذ ولم يتم العثور على جثتها حتى الان هنا يتم تكليف صحفي بمهمه البحث والتقصي عن الظروف الغامضه التى اختفت فيها تلك الفتاة وفي هذه الاثناء يتم تكليف فتاة شابة (ذات الوشم) بمساعده الصحفي لتقصي الحقيقه فتتداخل مهمات البحث حتى يصل الى مراحل خطيره من التحقيق نتعرف فيها على اجزاء غامضه من هذه الاسره الثريه وبعض من ماضيها الاجرامي...ميكائل يقوم بتعاون مع سالاندر وهي مبرمجمه وخبيره بالكمبيوتر (هاكرز) تساعده على جمع المعلومات عن هنريك الذي كلفهم بالمهمه بعد انتقالهم الى كوخ قريب من منزله في الشمال، للتحقيق بقضية الاختفاء الذي حصلت قبل اربعين عام، حتى يصلوا الى احد الكتب الغامضه التى يحصلون عليها على اسماء وارقام العائله القديمه قبل ان يتفرقوا، ومن جهه اخرى نشاهد سالاندرا تعاني من الوصي عليها الذي يبتزها دائما ولايعطيها حقوقها حتى يصل الامر الى اغتصابها فتقوم بتصوير مشهد اغتصابها وتنتقم منه بتعذيبه وتهديده فتصح هنا مسيطره على الوضع، بعد اكمالهم للتحقيق في الكوخ يكتشفون حوادث اغتصاب مختلفه بدات من عام 47 وحتى 67 وتورط احد اشقاء كبير العائله الذي يبحث عن ابنته .. الفيلم كان نسيجا مميز بين تلك الشخصيات والمحور الذي تدور حوله الاحداث بالاخص، احتراف روني مارا وتقمصها الرهيب رفع من قيمة الفيلم بشكل كبير وعدد الشخصيات الهامشيه التى حضرت بالفيلم كان لها وقع كبير على احداث الفيلم فالتحقيق والشكوك بالجميع كان شيئ يشبه فيلم فينشر السابق زودياك، دانييل كريغ من جهه اخرى قدم اداء جيد جدا والقدير بلورم هو الاخر وايضا الشخصيه الغامضه بالجهه الاخيره الممثل السويدي ستيلان سكارجارد الفيلم صنع متاهه وغوص بهذه الجريمه والتحقيق بشكل لايوصف روعة الغموض كما عودنا فينشر في سفن ونادي القتال تعود باسلوبه المعتاد.

اخيرا من اجمل المشاهد بالفيلم وبشكل عام من اجمل مشاهد العام الماضي ..مشهد روني مارا وتعذيبها للوصي "انا مجنونه" للمشاهده هنـــا، والمشهد الختامي للفيلم كان خيآلي نظرات روني مارا حكايه ثانيه.. للمشاهده هنـــا ، من رفعي ،،

الخميس، 2 أغسطس 2012

Reservoir Dogs - 1992


سيناريو و اخراج : Quentin Tarantino

قبل الحديث عن الفيلم..فترة التسعينات كما ذكرت بعدة ردود سواء بالمنتدى او بالمدونة انها افضل فترة بتاريخ السينما على الاقل الامريكيه، شهدت بداية افضل المخرجين كوينتن تارانتينو، دارين ارنوفسكي، بول توماس اندرسون، ديفيد فينشر، وبداية السرياليه لديفيد لينش وتحضيره لتحفته طريق مولاهند 2001، ايضا فوز الاسطورة كلينت ايستوود اخيرا بأوسكارين بعد تكريمه اعتقادا منهم بانتهاء مسيرته الفنيه!، وبالجانب الثاني لن اقول كثرة الافلام المنتجه بل كثرة التحف المنتجه بهذه الفترة، فـ برأي لن تشاهد حفل اوسكار يرشح فيه 5 افلام لافضل فيلم وهذه الخمسه تستحق الفوز! وستتمنى ان الاوسكار يوزع عليها دون اختيار فيلم واحد فقط، عام 1992، شهد العديد من التحف افضلها بالنسبة لي بلا شك هو فيلم تارانتينو ثم تأتي البقية بداية من فيلم تشابلن للمخرج ريتشارد اتينبورو وبطولة المبدع روبرت داوني جونير و االامتسامح لكلينت ايستوود واخيرا عطر امرأة و ايضا احد اجمل افلام الانيميشن التى تابعتها علاء الدين، ربما يكون هذ العام ليس الافضل بالتسعنيات مقارنه مع 95 و 99 لكن يبقى عام مميز جدآ وبداية مهمه لاحد صناع السينما الامريكيه مستر تارانتينو.

كوينتن تارانتينو بعد فلمين قصيرين الاول اتى عام 1983 بعنوان "Love Birds in Bondage" حيث كان تارانتينو مخرجا وايضا ممثل لوحده بهذا الفيلم ولم يكتمل العمل، الفيلم الثاني عام 1987 بعد حفلة حضرها تارانتينو في هوليود تعرف على المنتج لورانس بيندر الذي قام بتشجيعه على دخول المجال الفني بعدها قام بكتابة اول سيناريو له واخرج الفيلم الذي لم يكتمل بسبب حريق بالمعمل خلال المونتاج وحقيقه الفيلم كان البداية الفعليه للسيناريو المميز لفيلم "True Romance" الذي قام ببيعه للمخرج توني سكوت.



كلاب المستود، فيلم جريمه من انتاج 1992 وهو اول فيلم للمخرج والكاتب كوينتن تارانتينو، احداث الفيلم تدور بعد ان وقعت عملية سرقة فاشلة لاحد متاجر الذهب او الالماس، مستودع الكلاب كان من بطولة مجموعه من النجوم بداية من هارفي كيتل، ستيف بوسكيمي، تيم روث، ومايكل مادسين وكريس بين بالاظافة الى تارانتينو بدور ثانوي بسيط بالفيلم، الفيلم شمل على العديد من بصمات ولمسات تارانتينو التى بدأت واضحه بعد ذلك بكل اعماله التى اخرجها، بداية من العنف وطريقة التصوير والحوارات، وسير الاحداث المبعثر للفيلم، وللاظافه الفيلم حمل العديد من اللقطات المشابهه لفيلم City On Fire الذي انتج عام 1987، بعد صدوره اصبح الفيلم من كلاسيكيات السينما المستقله ولقب الفيلم بأنه اعظم فيلم مستقل انتج من قبل مجلة امباير "Empire"، الفيلم بميزاينته المنخفضة التى بلغت 1.2 مليون دولار لم يحقق نجاحا كبيرا بامريكا فالارباح وصلت تقريبا الى 2.8 مليون دولار بجانب ارباح تعدت الـ6.5 مليون باوند بانجلترا، مما صنع لتارانتينو شعبيه كبيره بانجلترا جعلته يحضره لفيلمه القادم بلب فكشن، ايضا الموسيقي التصويريه التى استخدمت بالفيلم كانت معظمها من اغاني السبعينات وللاظافه صدر للفيلم لعبة عام 2006.

وكون هذه التجربة الاخراجيه الاولى لـ كوينتن تارانتينو، بطاقم كامله يديره وميزانيه انتاجيه، والكل يعلم ان تارانتينو لم يقم بدراسة الاخراج السينمائي او حتى اساليب الكتابة، كل هذه الامور غير مهمه كون هذا الانسان موهبه ومحب للسينما وقبل ان يصبح مخرجا كان مدمنا للافلام في محل الفيديو الذي يعمل فيه وفي احد حواراته اذا اعجبه فيلم ما يكرر مشاهدته فور انتهائه اي لا ينتظر فتره او يوم..الاخطاء الاخراجيه كانت بسيطه مثل عند مشهد توزيع الاسماء على العصابة ستلاحظ عصا المايك اعلى الشاشة، ومشهد المطارده مع الشرطة ستشاهد انعكاس للسيارة التى تحمل الكاميرا على المحلات! وايضا في المخزن عند دخول اول فردين من العصابة داخل المخزن ستشاهد ادوات التصوير موجوده!، او اخطاء اثناء التقاط مقطعين لمشهد واحد وعدم انتباه تارانتينو لها مثل عند انزال الشرطي من صندوق السياره كان مقيدا من الخلف ولكن اصبح فجاة مقيد من الامام وايضا الصاق فم الشرطي نلاحظ في المقطع الاول نشاهده الاصق فوق الفم ثم فجاة اصبح الشريط بالاسفل، وعند ذهاب بلوندي لصندوق السياره والشرطي بداخلها قام بفتحها بسرعه بدون ان يحاول ان يفتح القفل هذه بعض الاخطاء الاوليه التى لا تأثر باحداث الفيلم ولاكمال البقية هنا  خصوصا الاخطاء الـSpoilers ستجدها غريبه وموضحه خصوصا المقطع الاخير، لكن مع كل هذه الاخطاء الا انها لم تؤثر بالقصة او الاحداث او الحوارات او حتى النهايه، الفيلم متكامل هذه الاخطاء تحدث بكل الافلام وحقيقه الاخطاء التى ذكرتها يمكن ملاحظة القليل منها اما البقيه مع اكثر من مشاهده ستلاحظ لكن لن تغير بالفيلم شيئ وهذا هو المهم.


كوينتن قبل ان يبدأ باخراج الفيلم حاول اشراك الممثل جيمس وود بالفيلم لكن الاخير رفض حتى قبل ان يعرف نوعية الدور، ايضا عرض دور السيد وايت على جورج كلوني وكرستفر والكن دور الاشقر لكنهم رفضوا جميعا، ايضا من الممثلين الذين رفضوا اي دور بالفيلم الممثل ديفيد دوشوفني، ومن المشاكل التى واجهها ايضا الميزانيه القليله التى لم تتجاوز المليون وبمساعده من الممثل هارفي كيتل وصل الانتاج الى 1.2 مليون دولار، وللاظافه ايضا ان الممثلين قاموا بالتمثيل بملابسهم الخاصه وليست من استديو انتاج!، ايضا الموسيقي التصويريه المستخدمه بالفيلم كانت اغاني من الراديو فقط ولم يستعمل اي الحان، وهنا بداية عبقريه للمبدع كوينتن اختيارات كانت مميزه جدا ومناسبه لكل مشهد من مشاهد الفيلم خصوصا مشهد تعذيب الشرطي واختياره لكلمات واغنية (علقت معك)!، وايضا مشاركته بالتمثيل وغضب مادونا منه حول حديثه عن اغنيتها الشهيره Like a Virgin واهدائها بعد ذلك لالبوم ورسالة توضح المعني!، حول بداية الدمويه بفيلم كوينتن رغم استعداءه لمسعفين لوضعيه اورنج والدماء المفقوده نشاهده بالغ بكميه الدماء بشكل كبير وهذا بداية اسلوبه حركه مميزه، اخيرا حول النص السينمائي قام كوينتن بكتابة المسوده الاولى بثلاث اسابيع ونصف، ولنعرف مدى تشابكه افكاره اثناء الكتابة وخلقه للشخصيات التى دائما مايقول بحواراته انا اصنع الشخصيه ثم اصنع الفيلم والحوار والخاتمه، الاسم الاصلي لـ بلوندي هو Vic Vega وهو اخ او نفس العائل لجون ترافولتا بفيلم بلب فكشن وعائلة Dimmick ايضا، وفي الفلاش باك للسيد وايت يتكلم عن فتاة تدعى الاباما التى شاركته الجريمه والتى يعيد شخصيتها تارانتينو بفيلمه التالي True Romance وانها لم تلتقي السيد وايت، وفي احد المشاهد بالسياره ذكر احدهم الممثله Pam Grier التى ستلعب دور البطوله بفيلم تارانتينو القادم جاكي براون 1997، للمزيد من المعلومات حول الفيلم هنـــا .



سبع غرباء يقومون بمهة اجراميه لا يعرف احدهم عن الاخر شيئ لكن يعرفون فقط الوانهم (الالقاب)، قبل الحديث عن الاحداث، تعريف بشخصيات الفيلم : Joe Cabot : والد ايدي وهو الزعيم المنظم للعمليه والمخطط ، يتواصل مع جميع اللصوص ، يقتل بالنهايه على يد السيد وايت، Nice Guy Eddie : ابن السيد جو المخطط الرئيسي للعمليه وصديق السيد بلوندي ، يقتل بواسطة السيد وايت، Marvin Nash : الشرطي الرهينه الذي يعذبه السيد بلوندي ويقطع اذنه ويقوم بقتله ايدي، Holdaway : شرطي يقوم بتعليم السيد اورنج Freddy Newendyke على التخفي والتصرف كاللصوص، Mr. Orange : يعمل شرطي متخفي واسمه Freddy Newandyke يقوم بالدخول الى العصابه في عمليتهم لسرقة الماس يكشف امره بالنهايه بعد اصابة بطلقه بالمعده ويقتله السيد وايت ويقتل السيد بلوندي لانقاذ صديقه الشرطي، Mr. Pink : الوحيد الذي يبقى على قيد الحياه ويهرب بالالماس ويقتل او يقبض عليه من قبل الشرطه بعد مطارده لم تصور لا نعلم!، Mr. Brown : كوينتن تارانتينو دوره بسيط وكان بالبدايه وضع نظريه عن اغنية لمادونا Like A Virgin ومات اثناء الهروب، Mr. Blue : دوره اقل من تارانتينو يظهر لكن بدون حوار فقط بالبدايه كلمتين يقتل بالهروب، Mr. Blonde : سجن 4 سنوات من اجل السيد جو بعد خروجه عاد مره اخرى للعمل مع جو وهذه المره بالعمليه الفاشل التى يقتل فيها بعد تعذيبه الشرطي، Mr. White : هارفي كيتل الذي قدم اداء ممتاز ، شخصيه هادئه مثقف بعالم الجريمه له تاريخ كبير بهذا المجال لكن النهايه تثبت العكس ، العاطفه غلبته بعد دفاعه عن الخائن اورنج دون ان يعلم بأنه هو الخائن فيقوم بقتل اثنين جو والابن و اورنج .

يبدأ الفيلم ليس من البدايه او النهايه .. يبدأ بطريقه تارانتينو عرض عملية سطو فاشله على محل مجوهرات خطط لها الزعيم جو كابوت ..الاحداث بعد العلميه الفاشله يبدأ الفيلم بعرض لنا اسباب الفشل ومكان التجمع بعد اتمام العمليه التى يدور حولها الفيلم، يبدأ الفيلم بمطعم قبل الانطلاق الى المهمه بعدها تبدأ احداث العمليه الفاشله من السيد وايت واورنج وذهابهم الى مكان التجمع بالمخزن ثم يأتون البقيه واثناء توضيح ما حصل للبقيه يقوم بوضع مشاهد للشخصيات الرئيسيه كيف اشتركوا بهذه المهمه واقناع الزعيم جو لهم، لم نشاهد علمية السطو الفاشله هنا تأتي موهبه تارانتينو عندما يقوم بصنع الاحداث بهذه الطريقه نعرف اثناء سير احداث الفيلم الحقيقه من حوارات المجرمين مع بعضهم بالمستودع يجتمع مستر وايت وبنكي واورنج الذي ينزف بغرارة اثر اصابته ومن الواضح هنا ان الشرطه كانت تتوقعهم لذا احبطت هذه العمليه، بعد ذلك نشاهدهم يتجمعون بالمخزن والذي لم يحضر كان قد قتل وهم براون و بلو، ومما يزيد من خطوره العمليه هي عند عوده بلوندي الى المخزن نشاهده قد قام بخطف احد رجال الشرطه الذي يقوم بتعذيبه وقطع اذنه بمشهد سادي دموي ويحاول بعد ذلك بحرقه فيتدخل اورنج هنا ويقوم بقتله وينقذ زميله بالشرطه، بعد عوده ايدي وكوبت تكثر الشكوك حول اورنج بعد شد وجذب ودفاع وايت عن اورنج نشاهد مشهد ثلاثي مميز على الطريقه الكابوي المكسيكيه ويقتل ايدي والزعيم ويبقى وايت مع اورانج وهنا يخرج مسدسه لقتله بينما نسمع صوت اقتحام الشرطه للمستودع وينتهى الفيلم ..النهايه مفتوحه نوعا ما ومتروكه لخيالنا، لكن من الواضح ان الرجلين سيموتان.


الحوارات بالفيلم كانت كعادة كونتين غريبه واحيانا لا علاقه لها لكثير من احداث الفيلم مثلا كالحوار الاول في المطعم وتفسيرات تارانتينو عن اغنية مادونا حوارات العصابه كانت ممتعه غريبه مضحكه كثيرا من الجمل لاتزال عالقه بذهبي مثل حوار احدهم حين يسأل الاول هل قتلت اشخاصيا يجيب الثاني بـ لا فقط رجال شرطة!، حوارات لا يصنعها الا تارانتينو دون ان تنسى الحوار الغريبه والذي لم يصنع مثلا بالسينما جدال حول البقشيش وكأنك تجلس في مقهى بين اصدقائك نقله واقعيه وادخاله مطعم ماكدونالدز والذي لايدفع لهم بقشيش، تسلسل الاحداث بالفيلم كان مميز جدا رغم عدم دخول كوينتن لاي مركز او معهد تعليمي للسينما فقط صنع وسرد وعرض الاحداث بأسلوبه هو، انتقل عبر عدة احداث بازمنه مختلفه دون ان تشعر بالملل ويخلق عند المشاهد حاله من الحماس والتشويق بانتظاره الحدث التالي، انتقاله من المطعم الى المخزن الى ماضي العصابة واتفاقاتهم كوينتن استخدم عدة اماكن مغلقه مثل المطعم المكتب المخزن وركز بشكل كبير على الحوارات بين الشخصيات شكل وخلق وصنع ملامح كل شخصيه بجمل قالوها، ايضا تضليله لعمية السطو وعدم اخراجه لها اولا لضعف الميزانيه التى وضعها المنتجون له ثانيه قام بصنع مشاهد غطت عليه مثل عملية الهروب وصعنه لسيناريو مبعثر وصنع حالة الانتظار للمشاهدين رغم عدم مشاهدتهم لعملية السطو الفاشله الا انه صنع احداث مؤلمه بعد العمليه مثل اصابة ارونج وحادث براون اثناء الهروب، ومما يزيد من قيمه الفيلم هو ان المشاهد على علم مسبق بالخائن بين افراد العصابه هو السيد ارونج الشرطي المتخفي الذي نشاهد له فلاش باك يوضح تخطيطه لدخول العصابه، ويبقى على المشاهد انتظار ماذا سيحدث هل سينكشف امره ام لا؟ ماذا سيحصل له؟ لذا المفاجاه بمعرفة المشاهد من الخائن ملغيه وستستمتع بمشاهدة الفيلم اكثر من مره، اخيرا اذكر مشهد قطع الاذن كان من اجمل مشاهد الفيلم السيد بلوندي الممثل مايكل ماديسن وحركاته ورقصه على ايقاع اغنية Stuck in the Middle with you كان رهيب وحركات الكاميرا ابداع فيها كوينتن لمشاهده المشهد هنـــا...اخيرا رغم ان الفيلم لم يحقق تلك الجوائز المهمه الا انه اثبت وجود كوينتن تارانتينو كـ مخرج متمكن عموما ابرز الجوائز التى فاز فيها تارانتينو جائز افضل مخرج في مهرجان Avignon و منحته لجنة نقاد لندن افضل مخرج صاعد، وحصوله على جائزتي افضل نص واخراج في مهرجان Sitges واخيرا حصوله على الحصان البرونزي في مهرجان Stockholm و جائزن نقاد مهرجان تورينو، وترشح للعديد من الجوائز الترشيحات هنــا.

Taxi Driver - 1976



اخراج : مارتن سكورسيزي
بطولة : روبرت دي نيرو


ليس هناك من فيلم استطاع تعرية المجتمع الأمريكي من الداخل وبمثل هذا التجريد كما فعل فيلم " سائق التاكسي"، لقد كان المخرج مارتن سكورسيزي صريحاً إلى حد القسوة بنبشه تفاصيل ودقائق الشارع النيويوركي القذر و تقديمها بهذا الشكل البشع الموحش. و ليست الصراحة وحدها هي ما جعل الفيلم عظيما وخالدا بل هناك سببان كذلك، أولهما الأداء الهائل من النجم المبدع روبرت دينيرو، أما الثاني فهي تلك الطريقة وذلك الأسلوب التأملي الساحر الذي انتهجه سكورسيزي في عرضه لفكرته، بحيث أصبح الفيلم معه أشبه ما يكون بتأملات مفكر فيلسوف في حال مجتمع يرتع في أوحال الرذيلة.في فيلم " سائق التاكسي" الحائز على السعفة الذهبية لمهرجان كان عام 1976م، يبحث سكورسيزي بشكل هادئ رصين عما يمكن اعتباره سببا للجنوح الذي اعترى فكر بطل فيلمه " ترافيس بيكل " و قاده لأن ينفجر بهذا الشكل العنيف في نهاية الفيلم ، تلك النهاية التي تبدو رغم ما احتوت عليه من خراب ودمار نهاية طبيعية ومنطقية ومفهومة ومقبولة . سكورسيزي هنا ، في فيلمه هذا , لا يبرر و لا يؤيد شيئاً إنما يتأمل و يبحث و يفسر و يفكر بتجرد و منطقية و بطريقة ( واحد زائد واحد لابد أن يساوي اثنان ) ، هو يقدم دراسة نفسية عميقة لشخصية "ترافيس بيكل " يقول فيها : ان هناك عوامل وظروف معينة ما إن تجتمع وتتفاعل مع بعضها البعض إلا وتنتج بالضرورة أشباه لـ " ترافيس بيكل " يصنعون عنفا أعمى لا يبقي ولا يذر.



لكن من هو ترافيس بيكل ؟! 
 
ترافيس بيكل شاب محدود التعليم , مسالم , لا يبدو عليه ميل نحو العنف ، خدم جيش بلاده في فيتنام ثم انخرط فور عودته في العمل لإحدى شركات الأجرة المتخصصة كسائق تاكسي ، أتاح له عمله هذا رؤية العالم السفلي لمدينته نيويورك التي تشربت الفساد حتى غصت شوارعها بأرباب الرذيلة الشواذ والمومسات وصناع العهر والدعارة، فيشعر بالاشمئزاز واليأس و الإحباط من هذه الحقيقة التي أدركها، وهي أن بلاده، التي حارب من أجلها الأعداء في أبعد حدود الدنيا، سائرة إلى الحضيض في طريقها إلى الانهيار الأخلاقي التام بسبب سوس الفساد الذي ينخر جسدها من الداخل، إن العدو داخلي هذه المرة و أمر مقاومته ومكافحته من أوجب الواجبات . و بسبب طغيان تلك المناظر البشعة المقززة التي أصبح وجودها أمرا طبيعيا في شوارع مدينته تلمع في فكر " ترافيس " وللمرة الأولى فكرة تغيير المجتمع وتطهيره من هذا الوسخ الذي ألم به، ونستشف ذلك من عبارته التي قالها في بدايات الفيلم: " يوماً ما .. يوماً ما سيأتي مطر حقيقي ليجرف كل هذه القذارة ".


هذه الكلمات توحي كذلك بأن ترافيس لا ينوي القيام بعملية التغيير بنفسه بل إنه يعقدها على " شخص ما " سيأتي في " يوم ما " بالمطر الذي سيجرف كل هذه القذارة، هو يؤمن بوجود أو قدوم هذا الشخص المغير، لذلك هو ينتظر ولذلك أيضاً تظل الفكرة في ذهنه مجرد فكرة لم ترق بعد إلى طور العقيدة، ويصدق إيمانه حينما يرى شخصين يبدوان طاهرين، الأول شابة حسناء رأى فيها ملاكاً بريئاً، أما الثاني فهو المرشح الرئاسي الذي وعده بأن يطهر البلد مما يدعوه ترافيس " الوسخ الذي اعتلى الأرصفة ".


لقد شعر ترافيس أن هذين الاثنين، بطيبتهما وطهرهما هما من سيجلب المطر الموعود المنتظر، لكنه حال اقترابه أكثر من تلك الفتاة اكتشف أنها لا تختلف عن البقية وكذلك كان الرجل السياسي الذي أدرك أنه لا يمنح سوى الأكاذيب, و من هنا خاب أمله في الجميع, و أصبح المجتمع بجملته في خانة أعدائه - إنهم أعداء الفضيلة، كلهم - و تترسخ فكرة التغيير في نفسه أكثر خاصة بعد تغلغله في هذا العالم الفاسد واحتكاكه بمن يراهم فاسدين كالقواد هارفي كيتيل، وصديقته، والرجل السياسي، وأخيراً ذلك الرجل الذي يراقب زوجته وهي تخونه، هنا يشمئز، هنا ييأس، ويعلن سأمه من هذه القذارة، فتتحول فكرته التطهيرية إلى يقين وعقيدة تستوجب الأخذ بها في الحال والا لعم الفساد وطم, و لذلك ينتفض ترافيس وينفجر انفجاراً مزلزلاً، يتناسب في حدته مع تلك الغفلة التي يعيشها المجتمع . 
 
إن عظمة فيلم سائق التاكسي تكمن في هذا التمهيد وهذا البناء المحكم من كاتب السيناريو الشهير " بول شرودر" الذي يمهد ويقدم كل ما يجعل من انفجار ترافيس بيكل منطقيا ومقبولا، هو لا يستعجل ردة فعل ترافيس ولا يستجديها، إنما يسير الأمور بشكل متزن ومعقول حتى إذا توافرت القناعة لدى المشاهد وترسبت من أن لحظة الانفجار باتت قريبة، جاء بها وقدمها له في وقتها تماماً دون أدنى شعور بوجود مبالغة أو ابتذال وإقحام . إنه يقدم كل المبررات التي تجعلنا نتفهم الانقلاب الفكري الحاد الذي أصاب ترافيس بيكل.


و باختصار فإن فيلم " سائق التاكسي" ومن خلال شخصية ترافيس بيكل جاء ليقول ان العينات الشبيهة بترافيس موجودة في المجتمع، أي مجتمع , ربما تكون نواياها طيبة، ربما , لكنها عينات عنيفة مدمرة إذا ما انفجرت، تسير دون هدي ودون أن تعقل شيئا . هذه العينات الآن خاملة، لكنها تنشط في بيئة لها شروط ثلاثة ، أن تكون مضمخة بالفساد، أن تكون خالية عديمة الشخص الذي يتصدى لمهمة الدفاع عن الفضيلة، أن يتوفر شخص يائس فاقد الأمل يعيش عزلة روحية عن مجتمعه .العظيم مارتن سكورسيزي عبر مشكاته النيويوركية هذه يقدم النصائح للأمريكيين بجزالة و بطريقة غير مباشرة يقول: يجب على المجتمع أن يقوم بمهامه كاملة تجاه المحافظة على القيم والفضائل والأخلاق، يجب أن يقطع الطريق على أشباه ترافيس، يجب أن لا يوفر المناخ الملائم لتنشيطهم وإحيائهم وتفريخهم.. متى ما تقاعسنا ، متى ما تشربنا الفساد ، لابد أن يظهر ترافيس .. هكذا ببساطة ، واحد زائد واحد يساوي اثنين !


بقلم العضو السينما ئي - منتدى سينماك @

الأحد، 22 يوليو 2012

A Bittersweet Life - 2005


سيناريو واخراج : Jee-woon Kim
بطولة : Byung-hun Lee

عندما تقرأ معلومات حول الفيلم كـ اسم المخرج والممثل ..الخ وتصل الى اسم الدولة المنتجه تجده كوريا هنا اعلم انك امام تحفة لا يهم تقييم المواقع العالميه كـimdb او غيره فقط قم بتحميل او شراء الفيلم وتابعه..أنا هنا بعد مشاهدتي لاكثر من 50 فيلم كوري تقريبا معلومه اكيد انني اعطيت اكثر من نصفها علامة كامله!، افلام متكامله تحتوى التصنيف الذي يقدم من خلالها، لذا السينما المفضله بهذه الالفيه باختصار هي كوريا ولو استمرت كما هو متوقع ستتفوق وتصبح الاولى عالميا بالمستقبل.. وحقيقه حول الافلام اذكرها ان اغلب افلام كوريا تحتوى موسيقي تصويريه من تأليفهم اي غير مقتبسه كما ستسمعها بهذا الفيلم.. "A Bittersweet Life" اي الحياة حلوة ومره او لنقل الحياة خدعه ..الحياة في هذا الفيلم كانت مجرد كابوس .. الفيلم من كوريا الجنوبيه انتاج 2005 ومن اخراج وتأليف كيم جي وون وبطولة لي بيونغ هون، الفيلم قدم بدائرة العنف والاخلاق العصابات والاجرام في كوريا واشتباك حالة الشخصية مع افعالها.. الفيلم عرض اول مره في مهرجان كان، تحذير للقراء من هنا لمن لم يشاهد الفيلم لا يكمل القراءة، بعد المشاهدة الثانيه لهذه التحفة استطيع القول بان افلام الجريمه مازالت موجوده واقصد فيلم جريمه له القيمه، من مشهد الافتتاحيه مع قالب الحلوى حتى الخاتمه مع وفاة بطل الفيلم واحلامه التى يرويها بطل الفيلم.. فلسفة مع كل هذه الاجواء الصاخبه وقدر هذا المجرم..من افلام الجريمه\العصابات المميزه بهذه الالفيه يأتي الأول هذا الفيلم بالنسبة لي ثم مجموعه مميزه اذكرها هنا المفضل بالترتيب على رأسها فيلم النبي الفرنسي عام 2009، ثم الفيلم الصيني شؤون جهنمية 2002.. ايضا فيلم سكورسيسي الراحل واخيرا فيلم ديفيد كروننبرغ وعود شرقيه الذي انتج عام2007.




حول احداث الفيلم، الافتتاحيه "...في يوم هادئ من الربيع شاهد تلميذ فروع الشجر تتمايل مع الرياح سأل معلمه هل تتحرك افرع الشجر ام انها الرياح؟ لم يشير المعلم الى مايشير اليه تلميذه ابتسم المعلم وقال ذلك الذي يتحرك ليست الافرع ولا الرياح بل هو قلبلك وعقلك" اشياء غريبه ستستنج من هذه الجمله هل ما يحصل هو خيال حي للشخصية ام يقصد العلاقه بين كيم سنيو والزعيم كانج الاسئله التى لاتجد لها اجوبه بين الشخصتين فقط قم بالاستنتاج بالاشياء المنطقيه وربما ليست كذلك، كيم-سنيو تابع لاحدى العصابات المنظمه يعمل باحد الفنادق التابعة للزعيم كانج، وظيفة قاتل مأجور وحارس امن ويعتبر المساعد الاول للزعيم كانج، في اول 5 دقائق تتضح شخصية كيم سنيو بعد قتله ثلاث زبائن رفضوا الخروج من الفندق بدون سبب، بعد # الجزء الاول يقوم الزعيم كانج بتكليف سنيو بمهمه بسيطه قبل ان يسافر الى شنغهاي وهي مراقبة صديقته الشابة هيزو التى شك بامرها بانها تواعد شابة في مثل سنها، الزعيم طلب منه مراقبتها لثلاث ايام حتى يعود من سفره، # الجزء الثاني من الفيلم هي مرحلة مراقبة سنيو لهذه الفتاة وحياتها اليوميه واثناء قيامه بمهمته هذه بطريقة واسلوب شاعري بعيدا عن تصنيف الفيلم الاجرامي نشاهد نظرات سنيو لهذه الفتاة مراقبته لها ولعزفها هنا ببساطه شاهد عزاءه الوحيد للحياة الوحيده التى يعيشها تغيرت نظرته لها من مراقبة الى مهتمه تعلق بها حتى اكتشف باليوم التالي اثناء مراقبته انها فعلا تواعد احدا فقام باقتحام المنزل وتهديدهم هنا تردد بالاتصال بالزعيم كانج الذي اخبره ما ان وجد انها تخونه ان يقوم بقتل الاثنين الفتاة والعشيق، تردد وقام باعطائهم فرصة ثانيه وقال كأن شيئا لم يحصل.




بعد عودة الزعيم كانج من رحلته لنقل هنا # الجزء الثالث واكتشاف الزعيم كانج لما حصل نشاهد عصابة الزعيم بيك تقوم بخطف سنيو وتعذبه بسبب سوء الترحيب الذي حصل لهم بالفندق ولم يعتذر لهم بعد ذلك يطلب الزعيم كانج من بيك ان يقوم بتسليم سنيو له ليبدأ بتعذيبه بكل الطرق من اجمل مشاهد افلام العصابات اللقطه التى بالصوره فوق اجتماع العصابة حوله وتعذيبه ثم دفنه حيا بحفرة ليست عميقه ليخرج ويقوموا بدفنه مره اخرى اذا ما لم يعفوا عنه الزعيم كانج!، في مشهد ثوري بالهروب ينجح سنيو بالهروب من العصابة من المبنى بمشهد اكشني رهيب، # الجزء الرابع عودة وتخطيط كيم سنيو للانتقام من العصابة التى حاولت قتله وقامت بتعذيبه والانتقام بالتحديد من الزعيم كانج نشاهد كيم سنيو يحضر نفسه ويقوم بشراء الاسلحه من موزع اسلحة تابع لكانج حتى يكتشف الموزع حقيقة سنيو فيقوم سينو بدوره بتصفية خلية توزيع الاسلحه، # الجزء الخامس هي النهايه المواجهه بين كيم-سنيووالعصابة يبدأها بقتل الزعيم بيك باحد صالات التزلج بعد ثم ذهابه الى الفندق في النصف ساعه الاخيره مشاهد القتال كانت من اروع مايكون مع الحان وتصوير مباشر لوجهه كيم سنيو اضافت الكثير، ينتهى الفيلم بدون نهايه سعيده او نهايه هنديه يقتل كيم سنيو بعد عدة اصابات وفي نفس اسلوب سكارفيس يأتي رجل من بعيد لينهى حياة كيم سنيو ليقول كلمه اخيرا قبل اطلاق النار عليه هذا قاسي جدآ..يسقط هنا كيم سنيو ليموت وينتهى الفيلم ويبدأ صوت كيم سنيو كما في البداية يقول " في ليلة متأخرة من ليالي الخريف استيقظ التلميذ باكيا فسأل المعلم تلميذه..هل روادك كابوس؟ قال التلميذ كلا..يكمل المعلم هل راودك حلم حزين؟ يرد التلميذ كلا..بل راودني حلما جميلاَ سأل المعلم: لماذا تبكي بحرقة إذا؟ اجاب التلميذ متلطفا وهو يمسح دموعه لان الحلم الذي راودني لايمكن ان يتحقق.... الفيلم قدم مشاهد اخيره مميزه باظافت الفلاش باك مشهد عزف هيزو ومراقبة سنيو لها ثم مشهد عوده سنيو ومشهد الملاكمه مع نفسه امام المرأه، هنا يمكنك التفكير بأن الفيلم كان كابوسا ام مجرد احداث اعادها الفلاش باك، المخرج والمؤلف جيم وون كيم يثبت مجداا بعد اخراجه لعدة افلام قبل هذا الفيلم كوميديه ورعب ورياضيه يعود بفيلم جريمه\اثارة مميز والاجمل من هذا هو توظيف الموسيقي بهذا الشكل واختيار المشاهد لهذه الموسيقي المميزه صنع شخصيه كيم سنيو واختياره للممثل بيونغ هون لي كان موفقا جدا في اول تعاون لهم هنا الممثل لي اظهر اداء عالي جدا رغم ان الشخصيه لم يتم شرح ماضيها او طبيعتها لكن الممثل لي صنع لها بعد ثاني غامض فالفيلم قدم على أنه كابوس مزعج او جزء سيئ بهذه الحياه وهي حياة المجرم سواء، بيونغ هون-لي قدم اداء اعتمد عليه الفيلم بشكل رئيسي اما بقية الممثلين قدموا ادوار ثانويه ممتازه خصوصا الزعيم بيك وكانج، اخيرا الامور الفنيه الاخرى التى كانت كلها مميزه بالفيلم مثل التصوير السينمائي وتعليق الكاميرا على زوايا السيارات ومشهد القتال وهروب سنيو من العصابة حركة تعليق الكاميرا على العصاة كانت جديده واسلوب وروعه انتاج المشهد الختامي كانت قمـه خصوصا مع الموسيقي التى قام بتأليفها دالبران ويونغ جيو جانج.

السبت، 21 يوليو 2012

I Saw the Devil - 2010

اخراج : Jee-woon Kim
بطولة : Byung-hun Lee - Min-sik Choi

في عام 2010 انتج العديد من الافلام الممتازه لكن بنظري هذا الفيلم يعتبر الافضل بعد بلاك سوان، بالنظر الى الافلام المرشحه للاوسكار سواء الامريكيه او الافلام الاجنبيه برأي لم اشاهد منهم فيلما يتفوق على هذه التحفه، رأيت الشيطان من اجمل افلام الانتقام..المطارده..النظريه الجديده بالامساك والافلات!، قصة الفيلم تدور حول شخصيتين رئيسيتين بالفيلم، الاولى شرطي والثانيه سفاح مجرم ببساطه من الجمله الاولى تعتقد بأنك امام فيلم عربي تقليدي، لكن حقيقه ما ستشاهده هنا اعتبره من اقوى الافلام الدمويه التى نقلت على الشاشة، بعد مشاهدتي لهذه التحفة استذكرت افضل ثلاثية شاهدتها..ثلاثية الانتقام الكوريه للمخرج تشان-وك بارك، المخرج بارك اسس الانتقام بالافلام الكوريه صنع الدمويه التى قامت عليها هذه السينما..برأي المزيد يأتي ويقدم في هذه النوعيه شيئا جديدا واحداثا لا تخطر على البال خصوصا في هذا الفيلم.

 

رأيت الشيطان فيلم اثارة كوري جنوبي من اخراج المبدع كيم جي وون "A Tale of Two Sisters و A Bittersweet Life" ومن تأليف جونغ هون بارك الذي يعتبر اول سيناريو له، ومن بطولة الثنائي لي بينوج هون و الاسطوره الحيه مين-سيك تشوي، الفيلم عرض في مهرجان Sundance وفي عدد محدود بصالات السينما الامريكيه، وتلقى العديد من المراجعات الايجابيه، عموما حول احداث الفيلم، في احدى الليالي الثلجيه مع موسيقي خيآليه وكأنك بفيلم رومنسي مرعب!، السيدة جويون بعد تعطل الاطار تنتظر بجانب الطريق سيارة التصليح هنا يبدأ الفيلم عندما ينزل السفاح كيونغ-تشول الذي يعرض في البداية المساعده لترفض بدورها جويون ليبدأ الفيلم من هنا في لقطة خيآليه ومفاجئه يقوم تشول بتكسير الزجاج الامامي ويختطف جويون بوحشيه رهيبه في اليوم التالي بعد ان وجد احد الاطفال اسفل الجسر بعض اجزاء من جسم انسان تبدأ الشرطة بالبحث المكثف اسفل الجسر حتى يتم تأكيد هوية الضحيه وهي خطيبة سو هيون عمل سري ليبدأ الفيلم من هنا الانتقام الذي يبدأ مع لحظة مشاهدة سوهيون رأس خطيبته مقطوع امامه.

بعد حصول العميل هيون على قائمة للقتله ليبدأ فيهم بالتسلسل حتى وصل الى عائلة السفاح كيونغ-تشول بدأ بالبحث حتى وصل الى الباب الخلفي من المنزل ووجد اثار دماء بكل مكان حتى وصل الى خاتم خطيبته الذي سقط بعد تقطيعها ولم يذهب مع مجري المياه وظل عالقا بانتظار تأكيد ما ينوي عليه هذا العميل!، بينما نشاهد الشخصية الثانيه وهي العميل يبحث عن السفاح نشاهد بالجهه الاخرى السادي يكمل طريقه ويقوم بخطف وتقطيع ضحيه اخرى المشاهد والتوزيع بهذه الطريقه اظاف الكثير بنظري ليعدم الملل لدى المشاهد ويزيد التشويق لشخصتين وما سيحصل بينهم، والصدمه هنا عندما الانتقال الى المشهد التالي وطبيعة عمل السفاح هي سائق باص لطالبات! بعد لحظات من مشهد تحرك الباص نشاهد جهاز تعقب معلق بالباص الذي يقوده تشول، المشهد التالي تشول مع احدى الطالبات باحد البيوت البلاستيكيه لتبدأ المواجهه بين الاثنين في مشهد عنيف مع موسيقى تصويريه بعد ان اطاح بتشول لم يقم بقتله بل قام بوضع جهاز تعقب داخل تشول لينتقم منه بشكل افضع وايضا قام بوضع ظرف من المال فوقهم وتركه مع كسر بيده فقط، المشهد التالي مشهد التاكسي مع تشول وفي اول مشهد من نوعه بنظري انا اول مشهد اتابعه يصور بهذه الطريقه كاميرا الـ360 داخل وخارج السياره مع ثلاث اشخاص بينهم تشول! مشهد عنيف 45 ثانيه، المقابلة الثانيه بين تشول و العميل في احدى العيادات الخاصة عندما حاول تشول اغتصاب احدى الممرضات ليهجم عليه مره اخرى العميل ويقوم بقطع احد الاوتار بساقه ويقوم برميه مر اخرى ليذهب بعد ذلك تشول الى منزل صديق له يدعى جوتاي الصفات المتشابهه بينهم صياد وقاتل واكل لحوم بشر ليقوم بشرح الوضع له ليبدأ جوتاي بقولة الجمله التى يدور فيها الفيلم "امسكه واطلق سراحه انه يمارس الصيد" و كما بالمقابلتين الاولى والثانيه بعد ضربه يتركه بالمنزل مع صديقه، في اليوم التالي تقوم الشرطة بنقل الاثنين الى المستشفى جوتاي وتشول ليبدأ حوار جانبي حول انتقام العميل مع صديقه ويذكر امر الكبسولة التى يتعقب من خلالها العميل للسفاح تشول الذي يقوم بالاستماع لهم ويعرف مافي داخله.



النهايه، النصف ساعه الاخيره بعد معرفة تشول لجهاز التعقب واخراجه يقوم بالاتصال بالشرطة لتسليم نفسه لكن قبل ذلك يخبرهم انه يجب ان يفعل شيئ، من الواضح للعميل انه تشول سيقوم بالذهاب الى عائلة خطيبته الى والدها واختها ليقوم بقتلهم وتسليم نفسه، يصل بعد ذلك سوهيون بعد فوات الاوان بعد نزول السفاح تشول وهو مغطى بالدماء بمنتصف الطريق يريد تسليم نفسه ينطلق سوهيون اليه ويقوم بخطفه امام رجال الشرطة ويقوم سوهيون باخر مشهد بتقييد تشول وتعذيبه ومن الحوار ماذا ستفهم من الذي انتصر بينهم السفاح قام بقتل خطيبته واختها ووالدها بينما السفاح لم يخسر شيئا ببرد يرد وهو مقيد "لا أعرف ما هوَ الألم؟ حتى الخوف لا أعرفه، ليس هنالك أيّ شيء ستشعرني به.. لذا فانت خاسر حقا" يقوم العميل بتركه معلقه رأسه تحت المقصله رابطا الحبل بالباب ومعلقا الطرف بفم تشول يقوم العميل بالاتصال بعائلة السفاح وفتقوم بفتح الباب فتنزل المقصله وتقطع راس تشول الذي يسقط راسه امام عائلته فكما مشهد البداية شاهدنا راس الخطيبه يسقط امامه بلحظه غريبه لايحتملها يقوم بردها امام عائلته وينتهى الانتقام.


الاداء التمثيلي كان خورآفي خصوصا من قبل الاسطوره مين-سوك تشو الذي لعب دور السفاح السادي برأي افضل شخصيه شريرة ظهرت بالسينما منذ بداية السينما يأتي بعدها شخصيات مثل انتون شوغر في فيلم الاخوين كوين لابلد للمسنين وساينسفيلد في ليون، تشو صنع شخصيه رهيبه هنا بلا رحمه امامك امرأه تتوسلك بعدم قتلها بعد ذلك نشاهد الضحيه تقول انا حامل في لحظه واحده يقطع رأسها اي مختل صنعه هنا! حقيقه وحشيه هذه الشخصيه لم اشاهدها بالسينما فكما كل المجرمين نشاهدهم قتله ساديين لكن ليس بهذه الطريقه، النهايه وحواره الاخير!!، الامور السيئه تحدث الاصابات بكل مكان من جسده يكمل عمله بالقتل والاغتصاب والضحك.. لو .. لو ان هذا الممثل امريكيا وقدم هكذا تمثيل ستشاهده يحصد اوسكارات عالتوالي.. الشخصية الثانيه للممثل المميز بيونغ هون لي قدم اداء عالي خصوصا نظرات الحزن ومحاولة السيطره على اعصابه دائما عندما يمسك السفاح تشول ويتركه مره اخرى..الندم في النهايه وتغير الشخصيه التى كانت بالاساس لطبيعة عمل السفاح تشول.. اخيرا المخرج الشهير جي وون كيم مخرج الروائع قدم فيلم انتقام من الدرجه الاولى واعتبره من افضل 5 افلام انتقام بالتاريخ، ثوره بالسينما الكوريه بالتاكيد هو احد الرواد الذين سيذكرهم التاريخ لاحقا.. الدماء التى رشت اثناء سير احداث الفيلم الحوارات التي وظفها بشكل مبهر بين الثنائي مشاهد الاطلاق القتل والجثث وقطع الرؤوس كانت متقنه بشكل واقعي الافتتاحيه كانت خورافيه والخاتمه صعب ان تصفها الكلمات..تحرك الكاميرا بكل مشاهد الفيلم الموسيقي التصويريه الخورافيه.. والمونتاج والتنقل بين احداث الشخصية الاولى والشخصية الثانيه كان شيئ عبقري جدا مدة الفيلم كانت 140 دقيقه تقريبا كنت اتمنى ان تزيد لـثلاث ساعات!.

الأربعاء، 13 يونيو 2012

The Fountain - 2006



سيناريو إخراج : Darren Aronofsky

الينبوع، فيلم خيال علمي\رومنسي اميريكي للمخرج دارين ارنوفسكي انتاج عام 2006، الفيلم كان خليط من الرومنسيه والتاريخ والدين والقصص القديمه، الفيلم من بطولة هيو جاكمان، راتشيل ويز و الين بريستن، الفيلم قدم بثلاث قصص وبشخصيات مختلفه، الاولى عالم يحاول ان يجد علاج لزوجته المصابه بالسرطان، والثانيه احد الجنود الاسبان و الملكة، والثالثة مسافر بالفضاء الذي يبحث عن حبه الضائع، الفيلم من خلال الثلاث قصص المختلفه والتى صنعت بالفيلم بثلاث ازمنه مختلفه ايضا ولكن تتشابك الاحداث بطريقه خيآليه سواء بالحوار او بالاحداث بالمونتاج نشاهده الفيلم كما كأنه قصة واحده.
ارونوفسكي كان سيقوم باخراج الفيلم بميزانية تصل الى 70 مليون دولار مع كل من الممثلين براد بيت وكيت بلانشيت لكن بعد انسحاب براد بيت من الفيلم (لانشغاله بفيلم اخر Troy) وايقاف الانتاج من قبل شركة وارنر بروس، قام دارين بكتابة السيناريو مره اخرى ليكون مناسبا لانتاج اقل وفعلا عاد ووضعت له نصف الميزانيه 35 مليون دولار تقريبا مع كاست تمثيلي جديد، هيوجاكمان ورايشتل ويز، وبعد عمل استغرق عامين من 2004 وحتى 2006 نوفمبر صدر الفيلم اخيرا وللاسف الارباح لم تتجاوز الـ16 مليون دولار ورفض شركة وارنر بروس اصدار نسخ DVD للفيلم لذا هنا قام المخرج ارنوفسكي بانشاء نسخة بمنزله ونسخها بموقعه حيث سمح للزوار بتحميل الفيلم.

يبدأ الفيلم بالقرن ال12 بالتحديد عام 2005، نشاهد الدكتور توم كرو يكرس وقته للبحث عن علاج لزوجته (ايزي) المصابه بالسرطان، هنا الاساله التى سيضعها المشاهد ماذا يفعل توم بالمختبر وماهي التجارب التى يقوم بها من اجلا انقاذ ايزي، بعد عدة تجارب على احد الحيوانات (قرد) نشاهد ان هناك أمل لانقاذ زوجته بعد استخلاص مادة معينه من شجرة قديمه ستقوم بوضع حد لانتشار الورم الخبيث بالجانب الثاني نشاهد ايزي تستعد للموت فاقدا للامل، وتهم باكمال روايتها التى تحمل عنوان الفيلم، بعد معرفتها بقرب اجلها بسبب المرض ومصدر الهامها لتأليف الرواية كان بعد قراءتها عن حضارة المايا واسطورتهم النجم شبابا الذي عندما يحتضر ينفجر ليخلق حياة لنجوم ثانيه، لذا تبدأ بتأليف الرواية لكي ترسم نهاية لرحلتها وبايمانها بهذا النجم، مضمون الروايه عن املكة ايزابيلا والجندي المخلص توماس ورحلة توماس الى امريكا الوسطى في اراضي المايا للبحث عن شجرة الحياة من اجل الملكة، ثم نشاهد حوار ايزي عن النجم الذي يموت لننتقل الى الشخصية الثالثة توم المسافر بالفضاء عام 2500 في مكان غريب بمحيط ذهبي اللون، لنشاهد بعد ذلك تشابك القصص الثلاث.



هيوجاكمان في الشخصيات الثلاث..الاولى بدور الفاتح او المحارب الاسباني توماس الذي يبدأ الفيلم به من خلال مشهد حربه مع جنود المايا اما الهرم، ليبدأ حربه معهم وبعد ذلك حربه مع القس الذي يحمل الشعله داخل الهرم، فبعد تكليف الملكة ايزابيلا للجندي توم ان يسافر بحثا عن شجرة الحياه التى اقتبست علمها من الكتاب المقدس، واقنعت توم بالسفر بعد صراعها مع رجل دين بارز بالمحاكم الاسبانيه ومحاولته الاستيلاء على العرش يتعهد توم بالعوده من اجل بلده ومن اجل وعد الملكة ايزابيلا (ادم وحواء) اعطته الخاتم ليكون دليلا على وعدها عند رجوعه، وعندما يصل توم الى المكان المطلوب يرفض مرافقيه الاكمال فيقتل الكاهن الذي معهم بالخطأ بسبب التمرد ليعطي توم الخنجر الذي سيقوده نحو الشجرة، لكن بعد وصول توم الى الهرم نشاهد المشهد الاول كما الافتتاحيه يطعن توم ولكن يقوم باخراج الخنجر الذي اخذه من القسيس المقتول ليكمل مسيرته فيطلب منه رجل المايا ان يضحي به بعد ظهور المسافر بالفضاء امام هذا القسيس، ليكمل توم مسيرته نحو الشجرة يقوم باخذ مائها للعلاج فيشفى بسرع يقوم بالشرب منها فيبدأ مفعول هذه الشجرة بخروج نباتات وزهور من جسد توم فيدفن بمكانه وبالنسبة لما تقول فلسفة المايا بأنه سيولد من جديد ويعطي حياة جديده.

الشخصية الثانيه في دور الدكتور او العالم، عام 2005 تومي طبيب متخصص بعلاج الامراض والاورام الدماغيه بعد مرض زوجته وظهور ورم بالمخ وتدهور صحتها تدريجيا تبدأ زوجته ايزي بتقبل الواقع لكن تومي يرفض الامر ويقول الموت كأي مرض يمكن ايقافه يقصد هنا المرض الذي يفتك بزوجته، ايزي تقوم بتأليف رواية اسمتها النافورة ولكن بعد انهيارها بالمتحف تطلب من تومي ان يقوم باكمال الرواية وانهاء الفصل الاخير، وفي محاولة ناجحه من اختبارات تومي للعلاج يسرعه لزوجته لكن بعد وفاة الاوان في مشهد ابدآعي من هيوجاكمان محاولا انعاش زوجته، لكن الموت كان اسرع، يقوم بدفن زوجته وفي المشهد الاخير من الفيلم نشاهده يضع بذرة فوق قبرها، كما في حضارة المايا ان البذرة ستتغذي على الجثة في رمزيه لحضارة المايا كيف ان الاب يعيش بهذه الشجرة، لذا يتضح ان الشجرة التى يكلمها المسافر بالفضاء هي ايزي.

الشخصية الثالثة في دور المسافر بالفضاء، فقاعة شفافة اللون في محيط ذهبي اشبهه بما تكون هذه الفقاعه تسير حول الشمس، المؤثرات كانت مميز جدآ في مشاهد المسافر، تومي وهو يسير بهذا السديم الذهبي مرافقا الشجرة الكبيره و وعائه والوشوم التى على جسده، ومحاولاة في هذه الفقاعة وكما تروي حضارة المايا عند انفجار الشبابا اي النجم فستولد حياة جديده، في هذه المرحلة التأملية ايزي موجوده وعلى قيد الحياة بطريقة غريبه داخل الشجرة ولكنها تحتضر يشار هنا انها كانت حية بطريقة ثم توفت كما في العالم السفلي والثمرة التى زرعها تومي الدكتور ولكن الطريقة كانت بالعكس كما الانفجار نشاهد القبر.

المخرج ارنوفسكي قام بوصف الفيلم ببساطه "قصة حب بسطة للغاية" حول شاب وفتاة يعشقون بعضهم ولكن الفتاة تموت شابة، وذلك بعد ان قام بعدة بحوث حول الاطباء وكيفية تعايشهم مع المرضي وكيف يقوم المرضي بالتكييف مع هذا الوضع وبعض العائلات يموت قريب لهم ولا يعلمون ماذا حدث له بالظبط واصفا هذا الوضع بانه ماساة لاتصدق، واضاف وبدلا من مواجهة هذا الامر بشي من الرعب والخوف قمت بصياغة الامر بالعكس حاولت ان نتفهم المرضى والاحتماليه التى ستحدث لهم مع القليل من التوسعه من خلال هذه الشابة ايزي وزوجها وصناعة رواية لزوجها حتى يفهم اين ستذهب، وموضوع النافورة هو كان يدور حول الموت والخوفه منه فكما شاهدنا في مشهد الافتتاحيه يقتبس ارنوفسكي مقطع من سفر التكوين " Therefore, the Lord God banished Adam and Eve from the garden of Eden and placed a flaming sword to protect the tree of life" لذا سنشاهد رجل يتبعه الموت الخوف يحرك هذه الشخصيات بعد اكل ادم من شجرة المعرفة نتج بالعالم الحياة والموت ازوداج البشر الفقراء والاغنياء كل شيئ متصل ومتفق عليه منذ القدم ويختم ارنوفسكي الفيلم قدم تجربة اليمه عن الموت، عن الالهام الذي نزل عليه وعن فكرة السيناريو القصة التى كتبها، بعد مشاهدة ارنوفسكي لفيلم ماتركس (The Matrix 1999) قال بأن هذا الفيلم هو ماحدد نوعية الخيال العلمي، لذا قرر من هنا ان يجرب عالم جديد بمجاله كما سلسلة حرب النجوم واوديسا الفضاء، لكن ارنوفسكي عندما كان يفكر باخراج فيلم خيال علمي لم يفكر بان يخرج فيلم اكشن بالفضاء او مطارده او تطور علمي واختراعات لانه كل هذه الامور قال بانها صنعت من قبل، يود ان يخرج شيئ له معنى شيئ يستقبله الجمهور عكس الافلام القديمه، المهم الافكار التى، فيلم تأملي البحث عن معنى الوجود عن الخالق، في عام 1999 بعد اصابة والديه بالسرطان، وفي جامعه هارفارد تعرف على زميلة الدراسة اري هاندل الذي شارك ارنوفسكي بكتابة القصة، وبعد دراسة ارنوفسكي لجمهورية غواتيمالا وبمساعدة احد الصحفيين هناك الذي قام بنقل الامثله من السكان الاصلين وتاثر ارنوفسكي بالفاتح الاسباني رنال دياز دل كاستيلو الذي صنعه بتمثيل هيوجاكمان بدور المحارب المخلص للملكة، في عام 2000 حول كتابة عن المعركة التى في الفيلم بين الاسباني وجنود المايا لم يحاول ان يصنع معركة ضخمه ولكن ما يؤدي الى المعنى كما قال واظهار هذا الجندي سعيه نحو النصر، وعن شخصية المسافر بالفضاء، قام بقراءة عن حضارة المايا وثقافتهم وتاريخهم والامور الروحيه التى يؤمنون بها قال ارنوفسكي قررت ان اخذ بعض الامور التى اريدها واجد طريقه مناسبة لوضعها بسير الاحداث، لانهم لم يرد ان يكون الفيلم مجرد قصة فنتازيه تبدا وتنتهى كما بعض الافلام الاخرى.



وحول التمثيل ارنوفسكي في كل افلامه الخمسه التى اخرجها وفي كل فيلم نجد الممثل يقدم افضل مالديه واقصد افضل ما لديه بانه يقدم افضل ادء تمثلي بمسيرته الفنيه، بداية من فيلم باي 1998 والممثل شون غاليتو الذي لم ولن يقدم دور افضل من ما فعل مع ارنوفسكي، ثانيه في فيلم مرثية الحلم 2000 واداء اليين بريستن وجاريد ليتو، ووصولا هنا في عام 2006 وفيلم النافورة واداء هيوجكمان الذي اشتهر بافلام الاكشن كسلسلة وولفرين نجده هنا يقدم افضل اداء سواء سبقه بافلام او سيقدم افلام بالمستقبل ارنوفسكي اخذ الخلاصة من هذا الممثل، وكما في 2008 لميكي روكي من ممثل فاشل الى مرشح للاوسكار ومقدم اداء خيالي وايضا عام 2010 واختياره لنتالي بورتمان وتقديمها افضل اداء بمسيرتها الفنيه، لذا التمثيل مع ارنوفسكي سيكون له معنى مهم ونقلة كبيره بمشوار اي ممثل يشاركه وسنشاهد ذلك بالمستقبل مع راسل كرو 2014 بدور نوح مع علمي ان راسل كرو قدم اداء اسطوري بعقل جميل، لكن متأكد لو ان ارنوفسكي ركز الاحداث بشكل كبير عليه بالفيلم سيقدم اداء افضل.

الموسيقى التصويريه والمؤثرات كانت بالقمه رغم تقلص الميزانيه الى النصف هذا لم يمنع ارنوفسكي من اكمال مشروعه بنجاح، فالموسيقى التصويريه كانت بقياة الموسقار المبدع كلينت مينسل مؤلف الملحمه الموسيقيه الشهيره بمرثية الحلم وصديق ارنوفسكي بكل افلامه، صنع الحان مميزه الجوانب الفنيه الاخرى كانت ممتازه بداية من المؤثرات البصريه والتصوير السينمائي برفقة صديقه الاخر ماثيو ليباتيكي الذي شارك ارنوفسكي ايضا بكل افلامه كمدير تصوير، التسويق الذي لم يكن ممتازه كما ذكرت في بداية الموضوع خصوصا عدم اصدار نسخ ديفيدي للفيلم، وعندما قوبل بالرفض المشرع في بداية الامر ارنوفسكي قال "I knew it was a hard film to make, and I said at least if Hollywood fucks me over at least I'll make a comic book out of it " اعلم بانه فيلم يصعب صناعه ولكن حتى وان رفضت هوليود ان تقوم بانتاج فيلم تبا لهم سأقوم بصناعة قصة مصوره "كوميكس بوك"، وفعلا في نوفمبر عام 2005 قام ارنوفسكي باعطاء الرسامه كينت وليامز وتم انتاج القصة المصوره للفيلم بعد ذلك قام وارنر بروس بدعم الفيلم وانتاجه.

اخيرا الفلسفة التى قدمها ارنوفسكي عن جدلية الحياة والموت والتضحيه، والحرب التى يخوضها الانسان من اجل الخلود ومواجهة للموت والعداله التى يفرضها الكون وعدم التفريق فيما بين البشر فالموت للجميع عظيم، وضيع لص او شريف محارب ام جبان، ثمن ندفعة كلنا من دون إستثناء وهو سؤال محير عن ماهييته الموت.."معركة في فهم الموت فهم اسبابة وكيفيه علاجة وهذة مستحيلة واخيراً كيفية التعايش معة وهنا الاصعب .. وكانت الاسئلة العظمى للبشرية تدور حوله ما هو الموت ؟"، النافورة لم يصنع للمشاهده فقط بل صنع للالهام وتقديم رسالة يفتقدها المجتمع بجانب الموت نشاهد التضحيه والسباق من اجل من تحبه فاذا كان الموت فرضا على الجميع سابق من اجل تخليد ذكراه (الروايه وانهائها).

الاثنين، 11 يونيو 2012

Twelve Monkeys - 1995


اخراج : Terry Gilliam
قبل الحديث عن رائعة المخرج تيري غيليام، سأتكلم عن فيلم خيال علمي قصير استند عليه الفيلم او لنقل كان الشرارة التى اشعلت نور هذا الفيلم، الفيلم القصير كان انتاج فرنسي من اخراج وتأليف كريس ماركر وجاء بعنوان "La jetée" اي بالانجليزي the pier يعني الرصيف الفيلم (رصيف الميناء) ، الفيلم صنع بالكامل من صور ثابتة كليا اي لن تشاهد مقطع فيديو بل صور التقطت باحتراف كون المخرج ماركر كان مصورا فوتوغرافيا قبل ان يصبح سينمائيا ومخرجا، وحقيقه ولمن تابع بعض صور واعمال هذا المخرج سيعرف بأنه من نخبة المصورين الذي تـ فننو بالتقاط الصور للاطلاع على بعض ما صور (chrismarker।org) موقعه الرسمي، قصة الفيلم القصير "الرصيف" تروي تجربة ما بعد الحرب النووية ولكن من خلال سفر عبر الزمن، عن سجين عقب الحرب العالميه الثالثة (الحرب النووية التى ذكرتها في البداية) وبعد ان تدمرت باريس تمام بشكل كلي تقريبا نشاهد الناجيين اصبحوا يعيشون تحت الارض في قصر فرنسي يدعى دي شايو، ثم نشاهد العلماء في محاولة منهم للعوده الى الماضي والمستقبل لانقاذ الوقت الحاضر، ولكن المشكلة هنا كيف سيجدون شخص مناسب لعملية السفر عبر الزمن وكيف يمكن ان يتحمل عقله الصدمه، اخيرا قاموا باختيار السجين دايفوس الذي سيكون مفتاح رحلتهم الانقاذ العالم، الشاب السجين يحمل ذكريات مشوشه من مرحلة الطفولة قبل الحرب وكان دائما ما يتذكر امراة (هيلين شاتولان) تنظر اليه من منصة صعود الطائره (رصيف الميناء) في مطار اورلي وتحدث حادثة مروعه هناك لايفهم ما حدث بالظبط ولكن يتذكر ان شخصا سقط على الارض واناسا يصرخون.


بعد عدة محاولات و وصوله الى فترة ما قبل الحرب يلتقى بامراة من ذاكرته تتطور العلاقة فيما بينهم (رومنسيه)، وبعد نجاحه بالعوده الى الماضي قرر العلماء إرساله الى المستقبل البعيد، ليقابل اناسا متطورين من الناحيه التكنولوجيه يحصل بعد ذلك على معلومات كافيه ويعود الى الوقت الحالي وقد اتم مهتمه، يقوم بالتحدث مع العلماء لاكمال المهمه ويتصل بعد ذلك مع اناس بالمستقبل ليساعدوه على الهرب هنا يتمنى العوده الى ما قبل الحرب اي مرحلة طفولته، املا في ايجاد الفتاة مره اخرى، ينجح بالعوده بالزمن وايجاد الفتاة على رصيف الميناء، ويحدث ما كان يحلم به اثناء طفولته وهو اطلاق النار على شخص ما يتضح بأنه هو هذا الشخص ويتضح معنى الحلم الذي يرويه الفيلم، وويفهم هذا الشخص ان الحلم ماهو الا مشهد وفاته كانت تطارده حتى النهايه.


نعود الى تحفة المخرج غيليام، اثنا عشر قردا، فيلم خيال علمي استلهم الفكرة من الفيلم القصير الذي ذكرته ومن بطولة بروس ويليس، مادلين ستو وبراد بيت، بعد حصول يونيفرسال ستوديوز (Universal Studios) على حقوق النسخ لفيلم الميناء لعمل فيلم طويل تم اختيار ديفيد وجانيت بيليز (ديفيد كاتب مميز) قدم العديد من الروائع كـ كاتب سيناريو اذكر هنا التحفه الخالده (Blade Runner) - كأفضل فيلم خيال علمي بالنسبة لي، وايضا قدم احد تحف الويسترن كـ نص اصلي (Unforgiven) الذي كان من بطولة واخراج كلينت ايستوود، الفيلم وضعت له ميزانيه 29.5 مليون دولار تقريبا وحقق ارباح 168 مليون دولار تقريبا حول العالم وترشح الفيلم للعديد من الجوائز اذكر هنا براد بيت كـ افضل ممثل مساعد وحصوله على الغولدن غلوب وايضا ترشيح اوسكاري لافضل تصميم ازياء والعديد من الجوائز.

قصة الفيلم تدور حول شخص يدعى جيمس كول مجرم سجين في زمن ما من المستقبل، في عام 1996-1997 تتعرض الارض لفيروس خطير يقوم بقتل البشرية مما جعلهم يعيشون تحت الارض لتجنب هذا الوباء، هنا وفي العوده الى السجين جيمس كول تحت الارض يقوم العلماء باعطاء كول فرصة لتخفيف مدة حكمه وذلك من خلال ارساله الى الماضي لمعرفة خطة المنظمة الارهابيه المعروفة باسم "جيش الاثني عشر قرد" ومهمه هي ان يحصل على عينه اوليه من هذا الفيروس حتى يمكن العلماء من صنع علاج مضاد، جيمس كول يبدأ يعاني من احلام وكوابيس سيئه خصوصا الحلم الذي يبدأ فيه الفيلم وينتهى به، الحلم في البدايه شخص يطارد بالمطار ويسقط بعد اطلاق نار، ولا يتذكر سوى هذه المشاهد.


في رحلة كول الاولى يسافر الى بالتيمور عام 1990 وليس العام 1996 كما كان مخطط له، يتم القبض عليه ونقله الى مستشفى نفسي (مصحه عقليه) لتقوم الدكتورة كاثرين ريلي بتشخيص حالته وبالمصحه يواجهه الشخصيه الرئيسيه الثانيه جيفري وجونز المجنون (براد بيت) وهو مريض مهووس بحقوق الحيوان ومتعصب لها بشكل غريب ومعادي للنظام الاستهلاكي الذي يسير عليه البشر وحتى من الحوار ستكون مدركا لنوعية هذه الشخصيه براد بيت قدم شخصتين وليست واحده الاولى اثناء الحركات وكأنه مجنون والثانيه تدل على مخططاته التى ستتضح مع احداث الفيلم من خلال الجمل والحوارته التى يرددها ويتحدث بها مع جيمس كول، عموما كول يحاول اكمال المهمه وهو ان يقوم بالاتصال بالبريد الصوتي لمعرفة مكان وموقع جيش القرود الاثني عشر لكن بعد محاولة فرار فاشلة من المصحة العقليه يسجن ويختفي بعد ذلك ليعود الى المستقبل والى العلماء ليبدأ تحقيق جديد مع كول ليقوم العلماء بوضع صور لبعض الاشخاص يشتبه بهم انهم متورطين بنشر الفيروس ليظهر المجنون جيفري جونز خلال الصور ليقوم العلماء بارساله مره اخرى الى الماضي وهذه المره الى العام الصحيح وهو 1996.

كل يقوم باختطاف الدكتورة كاثرين ويذهب للبحث عن المجنون ونز الذي يتأكد انه مؤسس جيش القرود الاثنى عشر عندما واجهه جونز (ابن احد اكبر العلماء الباحثين) ينفي تورطه مع الفيروس ولكن فكرته نحو ابادة البشرية تعود الى عام 1990 وحواره مع كول عندما قال بانها فكرة ممتازه، وعن رحلته مع الدكتوره التى تتأكد بانه فعلا مسافر عبر الزمن من خلال الرصاصه التى اخرجتها من قدمه (الخطأ الذي حدث بسفره الى الماضي البعيد وبالتحديد سقطوه وسط الحرب العالميه الاولى واصابته) تصدقه الدكتوره كاثرين ويحاول هنا هو تكذيب ما يقول مره اخرى ويقنع نفسه امام الدكتوره بانه منون ويتخيل كل هذه الامور وما هي الا هلوسه بعقله هنا بعد بحثه بالمدينه ولقاءه جونز يختفي مره اخرى ويرجع الى المستقبل والى العلماء، يكمل مهمته وباتصال اخير بالبريد الصوتي ليرسل رسالته، اخيرا في المطار نشاهد الحيوانات بدأت بالانتشار بالمدينه بعد اطلاق سراحها من قبل المهووس جيفري جونز، يلتقى بعد ذلك كول بصديقه خوسيه الذي يعطيه المسدس مع التعليمات، في الجانب الثاني نشاهد الدكتور بيترز العامل لدى جونز بالمختبر يحمل حقيبته وكما شاهدنا اسماء المدن الذي حفظها كول ورددها امام العلماء، تبدأ عاملة المطار بترديد المدن التى سيزروها والتى بدوره سينشر الفيروس فيها، يحاول كول منع بيترز لكنه يقتل برصاص الامن، هنا نعود كما مشهد البدايه الفتى كول يشهد حادثته موته وهو الحلم الذي كان يحلم به دائما، النهايه ينطلق بيترز مع حقيبته ونشاهده يجلس بالطائره مع السيده جونز احد العلماء بالمستقبل، من الفيلم القصير نجد تشابهه من حيث البداية والنهايه لكن مع اختلاف الاحداث، الشاب يسافر اكثر من مره عبر الزمن ويحاول ان ينقذ العالم من الدمار بالفيلم من انتشار الفيروس مع اظافه احداث اكثر وهي ابراز حقيقه المتسبب بالدمار وهو جيش القرود الاثني عشر بقياة جيفري جونز ابن العالم الذي صنع هذا الفيروس.


مشهد النهايه أولا جيمس والدكتوره ريلي عند دخولهم للمطار يقول جيمس "ليس في حلمي فقط انا كنت هنا فعلا"، وهذا صحيح حيث كان بهذا المكان عندما كان عمره 9 سنوات مع والديه ارتبط هذا الامر الشيئ الثاني عندما انفصل جيسم وكاثرين التى ذهبت بدورها لحجز التذاكر وعند ذهابها مرت الكاميرا اسفل المسافرين وصورت الحقيبه التى تحوى الفايروس (مميزه لكثرة الملصقات عليها) كما في حلم جيمس، ثم نشاهد جيمس يجرى مكالمة هاتفيه مع اناس المستقبل\الحاضر وقال ان القرود الاثنى عشر مجرد اطفال يريدون انشاء ثورة غبية، وانه اكمل مهتمه ولن يعود الى المستقبل، اللقطه التاليه ناقل الفيروس ذو الشعر الاحمر وعند حصوله على التذاكر يذكر تفاصيل رحلته، ثم نعود الى جيمس نشاهده يدخل الى الحمام لتعديل شاربه المستعار وهنا يسمع المتسكع الذي رأه عام 1996 ويمكن ان يكون جيمس الثاني المشوهه، ويبدأ جيمس بالصراخ "هذا هو الحاضر ليس الماضي وليس المستقبل" ليكتشف انه يحادث نفسه بعد ظهور رجل اخر بالحمام، يقابل بعد ذلك جيمس خوزيه نزيل سابق مع بالمستقبل ليستغرب لماذا قام بخلع اسنانه (جهاز تعقب) ويخبر خوزيه بانه عليه اكمال المهمه (قام بمعرفة مكان جيمس من المكامله)، ثم لقطه على مكان جيمس الطفل ذو التسع سنوات يعبر مع والديه و نفس اللحظه تشاهده كاثرين ناقل الفيروس وعرفته بالصدفه من خلال الصحيفه القيته امامها نشاهد كو وخوزيه على السلالم المتحركه يقبل باخذ المسدس وبالنظر الى السلالم المعاكس نشاهد احد الحراس بالسجن بالمستقبل وايضا بالمصحه العقليه عام 1990 ربما يكونون وهم او غير معروفين؟، ثم نشاهد كاثرين تخبر كول بانها شاهدت مساعد جونز المشهد التالي المهم، وهو عندما نرى ناقل الفيروس والملصقات على الحقيبه وعند فحصها يقوم بفتح الحقيبه للتأكد من محتوياتها ويقوم الشرطي بفتح احد الاغطيه الحامله للفيروس والامر المضحك أنه يقوم بشم قاروره الفيروس التى ستبيد 5 بلايين انسان في غضون اسابيع اي انه لاينتشر بسرعه، لذا الشرطي وعنده فتحه للفايروس قام بقتل نفسه وكل من في المطار بما في ذلك الطفل جيمس، اوخيرا نشاهد الطفل جيمس يرى موته كما ذكرت تقريبا مستقبلا بعد 40 عام واخيرا عند ركوب الدكتور بيترز ناقل الفيروس الطائره يواجهه الدكتوره جونيز التى من المستقبل وتقول انا "insurance" عالمه اول لنقل تعمل بمجال التأمين، والمعنى من هذه الجمله اي انها شيئ ثاني خطة ثانيه اي عند عدم نجاح كول بتحديد مكان الفيروس ستقوم بسرقة احد العلب الحامله للفيروس والحصول على عينه منه.

تفسيري لبعض احداث الفيلم، عندما كان جيمس كول مع كاثرين رايلي ظهرت اخبار عن وجود امرأة مخنوقه ومشوهه؟ لماذا حدث هذا الامر، برأي لا وجود لاي سبب ولكن لحلق مزيد من التشويق بالفيلم وربما لدعم نظريه ان القرود ال 12 منظمه ارهابيه تقوم بقتل من يهددها او نصب كمين له (اقصد كول واتهاهمه بعد خطفه) بانه الشكوك تحوم حوله بانه هو من قام بقتل وخنق هذه المرأه وربما تكون هي نفسها كاثرين التى كان يخبأها بصندوق سيارته، والنقطه الثانيه بالمطار لماذا لم يحاول الطفل جيمس الحصول على الفيروس ولكن نظرا للمستقبل نه يجب ان يكون بمكان آمن وحتى ينفذ المهمه بالمستقبل"؟"، المسدس الذي اعطاه خوزيه الى كول بالمطار يتضح بانه من الحرب العالميه الاولى وبالتأكد بذاك المشهد شاهدنها كول مع خوزيه بالحرب وربما اخذ معه المسدس، وعن المشهد الذي قالت فيه كاثرين لكول بعد ان لبس الشعر والشارب المستعار هكذا اتذكرك؟ مشهد البحث عن كاسندار للدكتوره كاثرين (ناهيكم عن ذكرها للجندي الذي سقط عن الفرنسيين والذي قام بتحذيرهم بان 1996 سيكون ابادة البشريه من قبل وباء جديده وانه عاد الى الماضي لاخذ عينه!) ..الجواب مقطع من السيناريو " تعقيد كاسندرا واسم كاسندرا في اساطير اليونان القديمة كانت تعلم اسرار الغيب ولكن قد تم استنكار ما تتنبأ له وبذلك ، اندمجت المعاناة مع الجهل والعجز ليفسح المجال لعمل اي شئ" اي انها كانت تعاني من هذا الشيئ "تعقيد كاسندرا" وانها كانت تحاول ان تتذكر اين رأته.

الخميس، 31 مايو 2012

Donnie Darko - 2001

سيناريو و اخراج : Richard Kelly

دوني داركو فيلم غموض\خيال علمي امريكي انتاج 2001 من تأليف واخراج ريتشارد كيلي الذي يعتبر اول فيلم له بعد ان اخرج فلمين قصيرين، والفيلم من بطولة جاك جيلينهال وجينا مالون، ميزانية الفيلم بلغت 4.5 مليون دولار وقد صور الفيلم بأقل من شهر (28يوم فقط)، والفيلم لم يحقق ارباح حيث لم يتجاوز الـ4.1 مليون دولار في امريكا وحول العالم، وايضا قام المخرج كيلي بتقصير مدة الفيلم من 133 دقيقه الى 113 دقيقه حتى تتناسب مع العرض في الصالات وحتى لا يمل المشاهد، ايضا للاظافه سام ريمي قام بالسماح للمخرج كيلي باستخدام احد افلامه كخلفيه عرض باحد المشاهد.


قصة الفيلم دوني داركو فتى مراهق في السادسة عشر من عمره، ذكي لكنه مضطرب نفسيًا يعاني من مشكلةٍ تتمثل في أنه يسير أثناء نومه، وتتطور هذه المشكلة الى الدرجة التي تجعل مخيلته تبتكر له صديقًا وهميًا وهو فرانك، و الذي يتخيله على شكل أرنب شيطاني عملاق. في أول لقاء لهما يخبره فرانك أن العالم سينتهي بعد 28 يومًا، وعليه أن يتبعه من أجل أن يبقى على قيد الحياة وينقذه من موتٍ محقق له. وفي صباح اليوم التالي، يوقظ رجلان "دوني"النائم في ملعب للجولف وينهض دوني ليجد مكتوبًا على ذراعه "2842:12"، وحينما يصل لمنزله يجد الشرطة تحيط بالمكان ويجتمع الناس حول المنزل ليكتشف دوني أن محرك طائرة عملاق سقط على البيت وعلى غرفة دوني تحديدًا، لكن لحسن حظه، كان الأرنب قد جعله يسير أثناء نومه، وهكذا نجا دوني من موتٍ محقق له، ويبقى الشيء الغريب ولا أحد يعلم من أين أتى هذا المحرك. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما يظل دوني تابعًا لصديقه الوهمي فرانك ليقوم بأفعال متعددة بناءً على أوامر فرانك إلى أن يقابل دوني "جريتشن" التي يقع في حبها.. فإلى متى سيظل دوني متعلقًا بفرانك، خاصةً وأن الأمور التي يفعلها أصبحت تضر بكل من حوله؟


فلسفة السفر عبر الزمن للكاتب روبرتا سبارو، هذا الكتاب الذي ذكر بالفيلم غير موجود في الواقع وهو من تأليف ريتشارد كيلي الذي وضع بعض التفسيرات للشخصيه الرئيسيه من خلال دلاله او لنقل شمعه في ظلام هذا الفيلم الفيلم، كما شاهدنا في فيلم فارجو للاخوين كوين وخلقهم لقصة واقعيه وكتابتهم "هذا الفيلم مبنى على احداث حقيقه" المخرج هنا صنع للمشاهدين لغز او لنقل شيئ غريب وهو هذا الكتاب، في موقع الفيلم ذكر 12 فصل فقط ولا تصل الى عدة صفحات تقريبا ثلاث او اقل، في المقدمه لهذا الكتاب يذكر ان قراءت الكتاب اهم شيء لفهم الفيلم بشكل كامل ولا يقصد هنا مجرى الاحداث البدايه والنهايه ونوع وتحليل الشخصيات، بل يقصد الفلسفة الذي يريد ايصالها المخرج من خلال الفيلم..عموما عن المقدمه يبدأ كما قلت ان قراءة الكتاب شيئ مهم ويتقدم بالشكر الى عدة راهبات من كنيسة يوحنا في ولاية فرجينيا لدعمهم في اتخاذ قراره (لويس، غوديني، ديفيس، أرنولد، ليبركه، يسيكس) والقصد من هذا الكتاب هو استخدامه كدليل عند اقتراب الخطر ويدعوا الله ان يكون عمله مجرد خيال! واذا لم يكن من خياله يدعوا للجميع وبمافيهم القارئ، وعند وقوع الاحداث ومازالت انا على قيد الحياه اتمنى ان تخبروني قبل فوات الاوان (الكاتبه ظهرت بالفيلم جدة الموت - العجوز التى تقف دائما عند صندوق البريد) توقيعها اخر روبرت انا سبارو اكتوبر 1944.

عموما سأقوم بكتابة الفصول الـ12 مع توضيح لاغلب الرموز التى يقصدها الكتاب الفلسفي.. الاول) جاء بعنوان مماس الكون..الكون محفوف بالمخاطر الكبرى، الحروب والامراض المجاعه والكوارث الطبيعيه كلها امور مشتركة والموت سيأتي الينا لا محاله، والبعد الرابع بناء ثابت لايمكن اختراقه، والحوادث عندما تلف نسيج البعد الرابع تصبح استثنائيه، واذا ما حصلت حادثة مماس الكون ستكون غير مستقره وستحفظ نفسها لمدة قصيره لا تزيد عن عدة اسابيع (يقصد هنا الحادث السفر عبر الزمن الـ28 يوم و6ساعات و42 دقيقه و12ثانيه)، وفي نهاية الامر سوف تنهار من نفسها وتقوم بتشكيل ثقب اسود في السماء سيدمر كل الكوكب.

الفصل الثاني) المياه والمعادن..المياه والمعادن عناصر اساسيه للسفر عبر الزمن (كلام الاستاذ لدوني اي جسم معدني للسفر عبر الزمن) والماء هو العنصر الاساسي للتنقل بين البوابات التى بين الازمنه والمعدن هو السفينه الانتقاليه داخل هذا المجرى.

الفصل الرابع) القطع الاثرية والحياة، عند حدوث ظاهره مماس الكون، القريبين من الدوامة سيجدون نفسه في بؤرة خطيره للعالم الجديد، والتحف القديمه (التحفه التى في ساحة المدرسة الخلفيه التى وضع داركو الفأس عليها) ستكون اول علامة على حدوث هذه الظاهره واذا ما حدث شيئ للقطعه الاثريه سيكون للناس اهتام وفضول حولها، والقطعه الاثريه ستكون من المعدن مثل تمثال راس السهم في احضارة المايا القديمه او السيف المعدني في العصور الوسطى من اوروبا، وكثيرا ما ترتبط القطع الاثرية الى الكون الاول والنشأة والرمز الديني و ظهور الناس على الارض بالتحدي بينهم بالتفسير المنطقي وايضا التدخل الالهي والاستنتاج المنطقي لظهور هذه الاثار المذكورة.

الفصل السادس) المستقبل سيتم اختياره من خلال قطعة اثرية في الرحلة الاولى بالكون الاول ولا احد سيعرف كيف او لماذا سيتم اختيار هذا الشخص (دوني داركو)، المستقبل اعطيته له قوى يتعايش معها مع البعد الرابع وتشمل هذه القوه زيادة في التفكير الذهني والقدرة الكبيره بالسطيره على العقل واستحضار النار والماء (جرائم دوني)، وسيعاني المستقبل في كثير من الاحيان من احلام مرعبه وهلوسات سمعيه وبصريه اثناء حدوث ظاهره مماس الكون (سير دوني وهو نائم، الاحلام اليوميه، الارق النفسي، الخوف من الوحده) كل هذه الامور ستحيط به وستتلاعب به وستحاول تدميره.

الفصل السابع) المستقبل، التلاعب في كثير من الاحيان سيكون من الاصدقاء المقربين والجيران وسيكونون عرضة للسلوك الغير منطقي الغريب اقصد والعنيف احيانا (تصرف دوني مع الجيران، وبالمدرسة ومع اختيه في الافتتاحيه اثناء الغداء على الطاولة)، وستكون نتيجه مؤسفه لمهمته وهي مساعدة العائدين الى الكون الاساسي وسيكون التلاعب فعل بديهي لانقاذ انفسهم من النسيان.

الفصل العاشر) الميت، الموتي اقوى من المستقبل اذا ما توفوا اثناء الظاهره سيكونون قادرين على الاتصال بالمستقبل من خلال البعد الرابع، من خلال اجراء انحسار مياه البعد الرابع، واذا الميت بالتلاعب مع المستقبل سيكون الضبط للمستقبل اصعب ولكن فخ الانسكورن سيعيد القطعه الاثرية بسلام الى الكون الاول واذا ماكان ناجحا، سيتم ترك المستقبل يتعايش مع قدرته في البعد الرابع ولارسال القطعه الاثرية في الوقت المناسب قبل ان ينهار الثقب الاسود على نفسه.

الفصل الثاني عشر) الاحلام، عندما يقوم المتلاعب بهم اثناء رحلتهم في هذه الظاهره ستؤرقهم احلام التجربة والكثير منهم لن يتذكر، وكثير منهم لن يتذكرو الرحلة مع وجود ندم حقيقي لتصرفاتهم التى ستدفن في احلامهم، فإن الادلة المادية فقط تدفن فقط داخل التحف الفنيه نفسها وكل ما يتبقى في العالم مفقود، الاسطوره القديمه تقول لنا ان هناك محارب من المايا قتل على يد تمثال الراس
السهم حيث سقط عليه من عل، لم يكن هناك لاثر جنود او محاربين ضده، وفي العصور الوسطى (دراكولا) كان يضع الاعمده في مؤخر اعدائه لكن هذا لم يتم تأكيده وكل شيئ يقال لنا لسبب ما!.، واخيرا للتوضيح المستقبل بالفيلم هو دوني داركو والموتي هم فرانك وغريتشن والاحياء بقية الشخصيات.


للاظافه التحليل الادق للكتاب، سقوط المحرك على منزل دوني داركو وبالتحديد على غرفته وانكسار البعد الرابع للزمن ادى ذلك الى انفتاح كون موازي (مماس الكون) سينتهى بعد 28 يوم كما ذكر بالفصل الاول اسابيع عدة فقط، واذا ما انتهى الكون الموازي سينتهى الكون الحقيقي ويبتلعه الثقب الاسود، ثانيا فرانك احد الاموات (المتلاعبين الاموات) يرسل الى دوني رسالة تحذيرية وينقذه باقتياده خارج المنزل اثناء نومه وسقوط المحرك بعد ذلك على غرفة دوني (فرانك احد الاموات) وسيقتله دوني في نهاية الفيلم كما ذكر في الفصل السابع تصرفات دوني فان فرانك يتلاعب بدوني خلال مواقف تجعله لا يملك خياراً الا ان يعيد المحرك عبر الزمن . وهكذا ، يضع فرانك الفخ المؤمن (كما ذكر في الكتاب) عندما يقتل جريتشين عن طريق الخطأ ، فيدرك دوني أن عليه انقاذ امه و اخته ، فيضحي بنفسه.

ثالثا غريتشن صديقة دوني (احد الاموات) لانها تموت قبل نهاية الفيلم، ستكون مهمه في حياة دوني ستخفف معاناته رغم معاناتها الاكبر، خوف دوني من الموت وحيدا، تخفف من هذا الامر ونشاهد بالنهايه دوني يضحي بنفسه من اجل غريتشن وللاظافه على انها من الاموات احد الجمل التى قالتها "ذكرت لدوني السفر عبر الزمن وهل هناك امكانية لتصحيح أخطاء الماضي ، وبذلك هي تساعده في مهمته".

رابعا، اغراق دوني لمدرسته وفعلته هذه جعلته يخلق فرصة لمقابلة غريتشن والفأس في راس التمثال رمز لقوة دوني كما ذكر في الفصل السادس، واخيرا حرق دوني منزل كاننيغهام حيث ادت هذه الفعله الى سفر والدة دوني في الطائرة بدلا من المعلمه المناصره لكاننيغهام لذا تصبح الطائرة في موقعها الاول ليقع المحرك منها في الثقب الاسود الذي جاء من اصلا ويعود بالزمن الى موقعه.

الخاتمه، تموت غريتشن بالخطأ ويقتل دوني فرانك (نهاية دور الاموات) كما ذكرت بنهاية الكتاب كل شخصيه ترمز لنوع معين بالقصة، دوني هنا يتأكد ان الموت يهدد اهله اذا لم يغلق الثقب الاسود وباغلاق هذا الثقب يجب عن يضحي بنفسه فنشاهد سقوط المحرك عليه ومونتاج سريع للاحداث وعوده للزمن الذي مضي بشريط الفيلم، لذا ينقذ كل من صديقته غريتشن وعدم حرقه لمنزل كاننغهام سينقذ والدته واخته لانه المعلم ستكون مرافقه للفرقه المدرسية، فيعود الزمن الى تاريخ البداية 2 اكتوبر 1988 كما بدا الفيلم ويستيقظ كل الاحياء، ويعرف الجميع الخاتمه وفاة دوني داركو بسقوط محرك طائرة عليه اثناء نومه كما في الفصل السابع والنسيان الذي صنعه الفلاش باك للشخصيات، ولتأكيد الفصل السابع نشاهد غريتشن تلوح بيدها لوالدة دوني وكأنها تعرفها مسبقا..